الاحتجاج، وبني على القرآن الكريم وقراءاته، وعلى الحديث الشريف على ما في الاحتجاج بألفاظه من خلاف في وجهات النظر، فصفا بهذا الأصل الأول من أصول النحو، وانتفت من أسسه شوائب العجمة واللحن، وخلص للنقل المجرد من الفلسفة والمنطق؛ بيد أن الأمر لم يستمر على هذا المنوال، إذ استُحدثت بعض الأصول والأسس إلى جانب السماع، وأخذت جميعًا تتأثر شيئًا فشيئًا بالمنطق ونحوه، وبلغ هذا التأثر الذروة في القرن الرابع الهجري، وعمَّ في القرون التي تلته.
ويقول صاحب (النحو العربي): "كانت العناية بأمر العلة والاهتمام بها تزداد كلما تقدم الزمن بالنحويين، فبعد أن رأينا التعليل يلقى به موجزًا بعقب الحكم النحوي رأيناه يُفرد بالتأليف ويخص بالكتب"، ونراه هنا في القرن الرابع ينال عناية أوفر، ويستنفذ جهدًا أكبر فتكثر فيه المؤلفات، ويدخله كثير من التطور".
ثم يذكر بعض المؤلفات في العلة في القرن الرابع مرتبة بحسب تاريخ وفيات مؤلفيها وهي كتاب (علل النحو)، وكتاب (نقد علل النحو)، وهما للحسن بن عبد الله المعروف بلكذة بضم اللام وسكون الكاف وفتح الذال المعجمة، أو لغدة بالغين المعجمة الأصبهاني، وكان معاصرًا لأبي إسحاق الزجاج المتوفى سنة إحدى عشرة وثلاثمائة من الهجرة، وكتاب (العلل في النحو) لهارون بن الحائك الضرير النحوي، وهو أحد أعيان أصحاب ثعلب، ومن معاصري الزجاج، وكتاب (المختار في علل النحو) لمحمد بن أحمد بن كيسان المتوفى سنة عشرين وثلاثمائة من الهجرة، وهو على ما ذكروا كتاب ضخم مؤلف من مجلدات ثلاثة، أو أكثر، وكتاب (الإيضاح في علل النحو) لأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي، المتوفى سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة.
وكتاب (النحو المجموع على العلل) لمحمد بن علي العسكري المعروف بمبرمان أستاذ السيرافي والفارسي، والمتوفى سنة خمس وأربعين وثلاثمائة من الهجرة،