مؤتاب: أي راجع.
وقد أجرى الشاعر في البيت "تقِف" مجرى "علِم" حتى صار: تقْف كعلم، ولما أجرى العرب غير اللازم مجرى اللازم أجروا اللازم مجرى غيره أيضًا في قراءة: "على أن يحيِي الموتى" (القيامة: 40) بإسقاط حركة النصب في الفعل المضارع بعد "أنْ" المصدرية الناصبة إجراء للنصب مجرى الرفع الذي لا يلزم فيه الحركة.
والمثال الرابع: حمل النصب على الجر وحمل الجر على النصب، فقد حمل العرب النصب على الجر في المثنى وجمع المذكر السالم؛ لأن الجر فيهما جاء على أصل إعراب الحروف، وهو الجر بالياء، وحُمِل النصب على الجر؛ فكان النصب بالياء أيضًا، ثم حملوا الجر على النصب في باب الممنوع من الصرف فكان مجرورًا بالفتحة، وجره بالفتحة خلاف الأصل؛ ولكنه محمول على نصبه.
والمثال الخامس: تشبيه الياء بالألف وتشبيه الألف بالياء، فمن المعلوم أن الألف لا تظهر عليها علامات الإعراب، وأن الياء تقدر عليها الضمة والكسرة وتظهر عليها الفتحة؛ فتقول: رأيت القاضيَ، وأكرمت الداعيَ.
وقد شبهت العرب الياء بالألف في تقدير الفتحة عليها؛ فقال الشاعر:
كأن أيديهن بالقاع القَرِق ... أيدي جوارٍ يتعاطين الوَرِق
وصف الراجز إبلًا بسرعة السير، والقَرِق: المكان الأملس المستوي الذي لا حجارة فيه، والوَرِق: الدراهم.
والراجز قدر الفتحة على الياء من "أيديهن" والنصب في مثله يظهر لخفته؛ إلا أن الراجز قدره إجراءً للياء مجرى الألف.
وكما شبهوا الياء بالألف في تقدير الفتحة عليها شبهوا الألف بالياء في تقدير السكون عليها؛ وذلك في قوله: