والمثال الثالث: توكيد المضارع بالنون بعد "لا" النافية حملًا لها في اللفظ على "لا" الناهية؛ فقد كثر توكيد المضارع المسبوق بـ"لا" الناهية، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} (إبراهيم: 42)؛ فأجاز بعض العلماء توكيد المضارع المسبوق بـ"لا" النافية حملا لها على "لا" الناهية، وحملوا على ذلك قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (الأنفال: 26) ذهب بعض العلماء إلى أن "لا" في الآية نافية وقد جاء المضارع بعدها مؤكدًا بالنون حملًا لها على "لا" الناهية.
والمثال الرابع: حذف فاعل "أفعِل به" في التعجب لما كان مشبهًا لفعل الأمر في اللفظ؛ لأن فعل الأمر للواحد نحو: أكرِمْ، وأحسِنْ، يكون معه الفاعل ضميرًا مستترًا وجوبًا؛ ولما كان لفظ "أفعِل به" في التعجب كلفظ الأمر؛ حذف فاعله في قوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} (مريم: 38).
والمثال الخامس: بناء باب "حَذامِ" على الكسر تشبيهًا له بـ"دَرَاكِ ونَزَالِ"، ومعناه: أن ما كان علمًا لمؤنث على وزن فعال؛ فإنه يبنى على الكسر لأنه يشبه أسماء الأفعال نحو: دَرَاكِ بمعنى أدرك، ونَزَالِ بمعنى: انزلْ، ونكتفي بهذه الأمثلة الخمسة التي حمل فيها النظير على نظيره في اللفظ دون المعنى.
الصورة الثانية: وهي حمل النظير على نظيره في المعنى دون اللفظ، وهي: أن يحمل الشيء على شيء يشبهه في معناه ولا يشبهه في لفظه: وله أمثلة متعددة، ذكر السيوطي منها مثالين، وهما:
المثال الأول: جوازُ: غيرُ قائمٍ الزيدانِ؛ حملًا على: ما قائمٌ الزيدانِ؛ ولإيضاح هذا المثال وبيانه نقول: إن المبتدأ ينقسم قسمين: مبتدأ له خبر، ومبتدأ له مرفوع يغني عن الخبر؛ فالمبتدأ الذي له خبر نحو: زيد قائم، والمبتدأ الذي له مرفوع