والمركبة: هي ما تركبت من عدة أوصاف اثنين فصاعدًا، كتعليل قلب واو "ميزانٍ" و"ميعادٍ"، بوقوع كل منهما ساكنة إثر كسرة؛ إذ الأصل فيهما "موزان" و"موعاد"، لأنهما من الوزن والوعد؛ فالعلة في القلب فيهما ليس مجرد سكون الواو فقط، ولا وقوعها بعد كسرة فقط، بل العلة مجموع الأمرين معًا، وذلك كثير جدًّا.
وقد يُزاد في العلة صفة لضرب من الاحتياط أي: لا للتأثير ولا للاحتراز؛ بحيث لو أسقطت هذه الصفة لم يقدح فيها، أي: لم يؤثر إسقاطها في العلة، كتعليل ابن عصفور حذف التنوين من العلم الموصوف بابن مضاف إلى عَلَم، نحو: "هذا زيد بن سعيد"، بحذف التنوين من "زيد" بعلة مركبة من مجموع أمرين: كثرة الاستعمال مع التقاء الساكنين.
والنحاة غيره لم يُعلِّلوه إلا بكثرة الاستعمال فقط، بدليل حذفه من نحو: هذه هند بنت عاصم، على لغة من صرف هندًا، وإن لم يلتقِ هنا ساكنان، وكأنه لمَّا رأى انتقاض العلة احتاج إلى قوله: "ومن العرب من يحذف لمجرَّد كثرة الاستعمال" انتهى.
قال السيوطي: "وهذه -يعني: كثرة الاستعمال- العلة الصحيحة المطردة في الجميع، لا ما علل به أولًا" يريد السيوطي أن ما علَّل به ابن عصفور أولًا هو زيادة في العلة لضرب من الاحتياط، ومن الأمثلة التي أوردها السيوطي للعلة المركبة قول الزمخشري في (المفصل) في "الذي": "ولاستطالتهم إيَّاه بصلته، مع كثرة الاستعمال خفَّفوه من غير وجه فقالوا: الذِ. بحذف الياء، ثم الذ. بحذف الحركة، ثم حذفوه رأسًا واجتزءوا عنه بالحرف الملتبس به وهو لام التعريف، وقد فعلوا ذلك بمؤنث اللتي فقالوا: اللتِ، واللت" انتهى.