خاصة به ومقصورة عليه، فإن لم يكن ذلك علامة للصحة؛ فلا أقل من ألا يكون علامة على الفساد. والإخالة هي المناسبة، فالعطف عطف تفسير، ومعنى الإخالة والمناسبة بيان وجه الارتباط والتعلق بين العلة والحكم.
وهناك رأي آخر مقابل للرأي السابق في العلة القاصرة ذكره السيوطي نقلًا عن الأنباري أيضًا، وهو: أن هناك قومًا قالوا عنها إنها علة باطلة لأن العلة إنما تراد لتعديتها، أي: لتعدية حكم الأصل إلى الفرع، وهذه العلة لا تعدية فيها، فلا فائدة لها لأنها لا فرع لها، والحكم فيها ثابت بالنص لا بها، أي: فيكون ذكرها حينئذٍ عبثًا. وأجيب بأنا لا نسلم أن العلة إنما تُراد للتعدية، فإن العلة إنما كانت علة لإخالتها ومناسبتها لا لتعديتها، أي: وإن كانت التعدية لازمة لها غالبًا، ولا نسلم أيضًا عدم فائدتها، فإنها تفيد الفرق بين المنصوص الذي يُعرف معناه، والمنصوص الذي لا يُعرف معناه، وهو الذي يقال له سماعي؛ فلا يقاس عليه لعدم تعقُّل معنى الحكم حتى يُنظر أوجد في غيره أم لا؟
وتفيد كذلك أنه ممتنع ردُّ غير المنصوص عليه، وتفيد أيضًا أن الحكم ثبت في المنصوص عليه بهذه العلة، وهذه الإجابة من الأنباري تدلُّ على أنه ممن يرى جواز التعليل بالعلة القاصرة لتعدد فوائدها. ونقل السيوطي عن ابن مالك ذكره في (شرح التسهيل): "أنهم علَّلوا سكون آخر الفعل المسند إلى التاء، ونحوه بقولهم: لئلا تتوالى أربع حركات فيما هو كالكلمة الواحدة، وهذه العلة ضعيفة لأنها قاصرة؛ إذ لا يوجد التوالي إلا في الثلاثي الصحيح، وبعض الخماسي كانطلق وانكسر، والكثير لا يتوالى فيه والسكون عام في الجميع، قال السيوطي: "فمنع -أي: ابن مالك- العلة القاصرة".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.