responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 72
إن التهالك على الدنيا والسعي الحثيث للحصول على المناصب والرئاسة فيها مذموم، إذ يطبع صاحبه على الحسد، والشح ويدفع ساعيه لظلم الناس ليتحقق مطلوبه، والفساد لا يظهر في البلاد والعباد إذا صدر هذا العمل من فئتين من الناس – المفترض فيهم الإصلاح والإخلاص – فإن صدر من الأمراء، وصدر من العلماء وقعت البلية، وعمت الرزية، وتمكن العدو من المسلمين لأن ولاتهم من العلماء والأمراء في شغل شاغل لتحقيق مصالحهم ومطامعهم. فتقع الفرقة في كيان الأمة لأن المصلحين من العلماء والأمراء متفرقون فيما بينهم، مختلفون في مصالحهم فكيف يجمعون الأمة ويسعون لإصلاح الناس؟! إن فاقد الشيء لا يعطيه. لذلك جاء التحذير الشديد من الرسول الرحيم عليه الصلاة والسلام لما سمعت الأنصار بقدوم مال من البحرين تعرضوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر، فتبسم عليه السلام ثم قال: ((أظنكم سمعتم أن أبا عبيدة قدم بشيء من البحرين؟ فقالوا: أجل يا رسول الله. قال: فأبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)) وفي رواية: ((وتلهيكم كما ألهتهم)) [1]. ولقد أخبر عليه الصلاة والسلام بوقوع ذلك في هذه الأمة ففي حديث آخر قال: ((إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم؟ قال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أو غير ذلك؟ تنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون – أو نحو ذلك – ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين فتجعلون بعضهم على رقاب بعض)) [2].ولقد رتبت الأمور بعضها على بعض في الحديث، إذ الأمر يأتي بالتدريج، قال النووي رحمه الله: " قال العلماء التنافس إلى الشيء المسابقة إليه وكراهية أخذ غيرك إياه، وهو أول درجات الحسد، أما الحسد فهو تمني زوال النعمة عن صاحبها، والتدابر: التقاطع وقد بقي مع التدابر شيء من المودة أو لا يكون مودة ولا بغض، أما التباغض فهو بعد هذا ولهذا رتبت في الحديث " [3]. وأما قوله: ((. . ثم تنطلقون في مساكين المهاجرين. .)) أي ضعفائهم فيجعلون بعضهم أمراء على بعض [4].ولقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن هلاكا سيقع في الأمة عند تنازع ولاتها على الملك، ففي الحديث أنه قال: ((هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش)) [5].والمراد بالغلمة هنا جمع غليم بالتصغير وهو الضعيف العقل والتدبير والدين، ولو كان محتلما [6].فأخبر صلى الله عليه وسلم أن ولايتهم هلاك للأمة، وذلك أنهم يهلكون الناس بسبب طلبهم الملك والقتال لأجله، فتفسد أحوال الناس، ويكثر الخبط بتوالي الفتن [7].ولقد جاء في وصف الخوارج أنهم " حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام " ومن كان هذا وصفه حري به أن يسارع في الفتنة جهلا منه، مع ما قد يجتمع معه من حب الرئاسة والظهور، وهذا كان حال الخارجين على عثمان رضي الله عنه، المثيرين النزاع حول السلطة، المفرقين للأمة، إذ المتتبع لتراجم هؤلاء الخارجين على عثمان رضي الله عنه يجدهم ممن يوصف بالشجاعة والجرأة والإقدام، ومع حب الرئاسة والظهور، وليس بينهم من يوصف بالعلم والفقه [8].

[1] رواه البخاري (6425) ومسلم (2961).
[2] رواه مسلم (2962).
[3] شرح ((صحيح مسلم)) للنووي (18/ 96).
[4] شرح ((صحيح مسلم)) للنووي (18/ 97).
[5] رواه البخاري (7058).
[6] انظر ((فتح الباري)) (13/ 9).
[7] انظر ((فتح الباري)) (13/ 10).
[8] انظر حاشية ((العواصم من القواصم)) في ثوبه الجديد، تحقيق في مواقف الصحابة لمحب الدين الخطيب (ص 109 - 115.
نام کتاب : موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام - الدرر السنية نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست