نام کتاب : ثم أبصرت الحقيقة نویسنده : الخضر، محمد سالم جلد : 1 صفحه : 215
رابعاً: أنّ دعوى تقدّم الابتلاء على الإمامة وأنها حصلت كجزاء على النجاح في الابتلاء لا يستقيم لغة، فإنه لو كان الأمر كذلك لقال الله عز وجل (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهنّ فقال إني جاعلك للناس إماماً) فيؤتى بالفاء كرابطة ليكون ما قبلها (وهو الابتلاء) سبباً لما بعدها (وهي الإمامة)، وبعدم وجود (الفاء) يترجح كون العبارة تفسيراً وليس جزاءً لما قبلها.
ومما يؤيد ذلك أنّ الجملة إذا جاءت جزاءاً لجملة تقدمت عليها، ولم تتأخر عنها.
أما إذا تأخرت عنها فهي سبب أو تفسير لما قبلها.
فالجملة المتأخرة التفسيرية كقوله تعالى {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا. أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا} [1] فجملة (أخرج) تفسير لجملة (دحاها).
وأما السببية فكقوله تعالى {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ. ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ. ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ} لماذا؟ {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِين} (2)
فجملة {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} سبب لما قبلها من قوله {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ..} فالجملة الجزائية تتقدم على الجملة السببية.
فتأخير قوله {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً} مع انعدام حرف (الفاء) يضعف كونها جزاءاً لما قبلها، وأنّ ما قبلها سبب لها [3]. [1] سورة النازعات آية 30 - 31
(2) سورة الحاقة آية 30 - 34 [3] المنهج القرآني الفاصل بين أصول الحق وأصول الباطل ص245
نام کتاب : ثم أبصرت الحقيقة نویسنده : الخضر، محمد سالم جلد : 1 صفحه : 215