رفضه القيام بحملة صليبية على الشرق - وكانت الكنيسة تعد الملوك جنوداً طائعين لها ... فحرمه البابا وشهر به في رسالة علنية عدد فيها هرطقاته وذنوبه، فكان على الامبراطور أن يدفع التهمة عن نفسه برسالة وصفها ويلز بأنها "وثيقة ذات أهمية قصوى في التاريخ، لأنها أول بيان واضح صريح عن النزاع بين مدعيات البابا في أن يكون الحاكم المطلق على عالم المسيحية بأسره، وبين مدعيات الحكام العلمانيين، وقد كان هذا النزاع يسري على الدوام كالنار تحت الرماد، ولكنه كان يضطرم هنا على صورة ما ويتأجج هناك على صورة أخرى، ولكن فردريك وضع الأمر في عبارات واضحة عامة، يستطيع الناس أن يتخذوها أساساً لاتحادهم بعضهم مع بعض [1] للوقوف في وجه الكنيسة.
على أن فردريك كان ظاهرة فذة لم تلبث أن تختفي تحت قهر قرارات الحرمان والسطوة الكنسية الباغية، ولم يعرف التاريخ الأوروبي من يماثله إلا بعد أجيال عديدة.
ثالثاً: الطغيان المالي:
يستطيع المرء أن يقول دون أي مبالغة: إن الأناجيل المسيحية لم تنه عن شيء نهيها عن اقتناء الثروة والمال، ولم تنفر من شيء تنفيرها من الحياة الدنيا وزخرفها، حتى أن المتأمل في الأناجيل -رغم تحريفها- لابد أن يؤخذ بروعة الأمثلة التي ضربها المسيح -عليه السلام- للحياة الدنيا ومتاعها الزائل، كما أنه سيرى من سيرة المسيح [1] معالم تاريخ الإنسانية: (5/ 224). وانظر: كتاب الزنديق الأعظم: جوزيف جاي ديس، ترجمة أحمد نجيب هاشم.