وقضت سنة الله أن ينتصر الشعب على جلاديه، وأن تحصد "المقصلة" معظم الرءوس المترفة الطاغية.
وتمخضت الثورة عن نتائج بالغة الأهمية، فقد ولدت لأول مرة في تاريخ أوروبا المسيحية دولة جمهورية لا دينية، تقوم فلسفتها على الحكم باسم الشعب "وليس باسم الله"، وعلى حرية التدين بدلاً من الكثلكة، وعلى الحرية الشخصية بدلاً من التقيد بالأخلاق الدينية، وعلى دستور وضعي بدلاً من قرارات الكنيسة.
وقامت الثورة بأعمال غريبة على عصرها، فقد حلت الجمعيات الدينية، وسرحت الرهبان والراهبات وصادرت أموال الكنيسة، وألغت كل امتيازاتها، وحوربت العقائد الدينية هذه المرة علناً وبشدة، وأصبح رجل الدين موظفاً مدنياً لدى الحكومة [1].
هذه النتائج والتطورات تستحق أن يقف عندها الإنسان باحثاً عن أسبابها ودوافعها، وبالنظرة الفاحصة نجد أن عوامل متعددة قد تضافرت على تحقيقها، وأهمها ثلاثة:
أولاً: الفكر اللاديني الذي طبع عصر التنوير:
-كما يسمى- بطابعه الخاص، والذي كانت مدارسه رغم تباينها تسعى إلى غاية واحدة، هي تقويض الدين واجتثاث مبادئه من النفوس، وقد سلكت كل مدرسة منحى خاصاً لتحقيق ذلك وأشهرها:
1 - مدرسة ذات طابع علمي عام، وأبرز الأمثلة عليها الكتاب الموسوعيون الذين كتبوا دائرة المعارف بزعامة " ديدرو"، وكانوا كما يقول ويلز: " يناصبون الأديان عداوة عمياء ". [1] فيما يتعلق بأسباب ونتائج الثورة انظر: تاريخ أوروبا في العصر الحديث - فيشر الأول.