انتقل إلى المعسكر الثاني" [1]، وهذا حق؛ فإن الموقف غير العلمي الذي يتخذه هؤلاء المسمون (علماء) هو بعينه موقف الكنيسة في عقيدتها القائلة بأن الله خلق آدم خلقاً مستقلاً سنة (4004ق. م) وإذا كان هناك من فرق فهو أن الكنيسة لم تدعِ أنها (علمية) كما يفعل هؤلاء المتعصبون، وإن في هذه الاعترافات الصارخة لعبرة بالغة للببغاوات في الشرق لو كانوا يعتبرون!!
آثار الداروينية:
أولاً: انهيار العقيدة الدينية:
وجد الإلحاد في العالم الغربي المسيحي قبل داروين، فقد أباحت الثورة الفرنسية حرية الإلحاد تحت شعار (حرية الاعتقاد) وقدمت الميكانيكية النيوتونية للملاحدة خدمة كبيرة، لكن الإلحاد ظل حتى سنة (1859م) قضية فلسفية محدودة النطاق، وظلت العقيدة المسيحية محتفظة بمركز قوي ليس في الطبقات الدنيا من الشعب فحسب، بل حتى في الجامعات الأكاديمية العلمية التي كانت في الغالب هيئات دينية أو خاضعة لنفوذ رجال الكنيسة.
وبعد سنة 1859 أصيب العالم بنقص حقيقي في الإيمان -على حد تعبير ويلز- بسبب ما أشاعه أعداء الدين من تفسيرات باطلة لنظرية التطور، والاستغلال البشع الذي قام به المغرضون، والحماس المنقطع النظير الذي استقبلت به النظرية، أما موقف الكنيسة فقد كان مهزوزاً منذ البداية -لا سيما- وأن الزمن قد أثبت خطأ المواقف التي اتخذتها من النظريات الكونية السابقة، ولذلك خشي الكثير من [1] مصير الإنسان: (277).