للتمزق الرهيب الذي تعانيه النفسية المعاصرة في الغرب، رغم الرفاهية المادية المتناهية، ومن هنا استحق هذا العصر أن يطلق عليه (عصر القلق)!!
ولقد صدق أحد العلماء [1] في قوله (إن أشقى الناس -جميعاً- هو الذي يأتي إلى هذه الدنيا ثم يخرج منها وهو لا يدري لماذا جاء ولماذا خرج)!
ثالثاً: حيوانية الإنسان وماديته:
عندما طلع كوبرنيق بنظريته الفلكية القائلة: بأن الأرض ليست مركز الكون، أحس الضمير الأوروبي بأنه قد صدم في صميم كرامته ومركزه في الوجود، واعتقد البعض أن الإيمان بهذه النظرية إهانة مباشرة للإنسان (سيد المخلوقات)، فلما جاء داروين بنظريته، لم يزد الطين بلة فحسب بل جاء بالطامة الكبرى، فزعم أن الإنسان حيوان كسائر المخلوقات الحيوانية، فوجه بذلك إلى الكرامة الإنسانية أعنف لطمة في تاريخها، وقلب الشعور الإنساني رأساً على عقب، وهز المشاعر والمعتقدات والقيم التي كانت منذ فجر التاريخ حتى عصره راسخة لا مراء فيها، وأصبح الحال كما قال جوليان هكسلي:
(بعد نظرية داروين لم يعد الإنسان يستطيع تجنب اعتبار نفسه حيواناً) [2].
وداروين لم يكتف بأن جعل بين الإنسان وبين القردة نسباً، بل زعم أن الجد الحقيقي للإنسان هو جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين. [1] هو الشيخ عبد المجيد الزنداني من محاضرة شفوية. [2] عن معركة التقاليد (52).