للقانون الطبيعي ونظامه، وفسروا أخبار المعجزات بأنها من نتاج أسباب طبيعية إنسانية كالسذاجة والخيال والخرافة، ثم إن التفسيرات الجيولوجية والبيولوجية لماضي العالم قد أدت بالطبع إلى إهمال أي اعتقاد حرفي بالحوادث الواردة في الفصول الأولى من سفر التكوين.
وأخيراً: أهمل القرن التاسع بشكل أكيد الاعتقاد بأن الله مبدأ علمي، فقد اختفى الخالق صانع الساعة الذي تصوره عصر التنوير مع تقدم التفسيرات العقلية والعلمية عن كيفية تشكل الكون.
وإذا كان المتدينون من الناس مازالوا يعتقدون بوجود خالق وراء هذه العمليات الطويلة، فهم يفعلون ذلك على أسس دينية أكثر منها علمية) " [1].
وكما ابتهج الماديون بالنصر الحاسم - ظاهراً - الذي ظفر به العلم على الكنيسة في معركة (أصل الإنسان)، والانسحاب النهائي لها من حلبة الصراع؛ فقد كان الفلاسفة النظريون أيضاً لا يقلون عنهم، رغم الخلاف في وجهات نظر الفريقين الذي بلغ مداه في الصراع بين الواقعية والمثالية.
وإلى ذلك يشير (هنتر ميد) في كتابه عن الفلسفة: "في الجزء الأكبر من القرون الوسطى -مثلاً- كانت العلاقة الرسمية بين الفلسفة والدين، تتلخص في أن للفيلسوف الحرية في الوصول إلى أية نتائج قد يوحي بها تفكيره، شريطة ألا تكون هذه النتائج متعارضة مع نتائج الوحي واللاهوت المقدس، والواقع أن الفلسفة لم تتمكن من التحرر من هذه القيود إلا منذ أقل من قرنين من الزمان، حتى في البلاد الديمقراطية الليبرالية ذاتها، بل إن هذه الحرية قد اكتسبت في مجالات معينة منذ وقت يذكره أناس [1] راندال: (2/ 225، 243).