"وإنما بلغوا تلك الغايات والتقدم في العلوم والصناعات بالتنظيمات المؤسسة على العدل السياسي وتسهيل طرق الثورة، وملاك ذلك كله الأمن والعدل اللذان صارا طبيعة في بلدانهم، وقد جرت عادة الله (كذا) في بلاده أن العدل وحسن التدبير والتراتيب المحفوظة من أسباب نمو الأموال والأنفس والثمرات".
ويقول مؤيداً ومستشهداً: "سمعت من بعض أعيان أوروبا ما معناه (إن التمدن الأورباوي تدفق سيله في الأرض، فلا يعارضه شيء إلا استأصلته قوة تياره المتتابع، فيخشى على الممالك المجاورة لأوروبا من ذلك التيار إلا إذا أخذوه وجروا مجراه في التنظيمات الدنيوية، فيمكن نجاتهم من الغرق" [1].
أما جمال الدين الأسد أبادي المشهور بالأفغاني، فهول يقول بصراحة: "إن الأمة هي مصدر القوة والحكم، وإرادة الشعب هي القانون المتبع للشعب، والقانون الذي يجب على كل حاكم أن يكون خادماً له وأميناً" [2].
ويقول أحد المتأثرين به وهو عبد الله النديم: "ولئن قيل إن التجارب دلتنا على أن الشورى لا تنجح في الشرق، أو أن الشرقيين غير عقلاء كما يزعم محبو الأثرة والانفراد بالتسلط، قلنا: إن الشرقي مع الغربي في الخلق يرد هذه الدعوى الباطلة، وإنما ثار الغربيون على العمل بالشورى، وأخذوا يصححون [1] خير الدين التونسي: أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك: (90، 98، 166). [2] الاتجاهات الفكرية والسياسية والاجتماعية: علي الحوافظة: (102).