الشعوب الأوروبية على السواء، وكانت تلك المدنية الغربية عداوة للإسلام وقفت عُرّاباً في هذه الولادة الجديدة [1].
هذا التحليل العميق الواعي يقضي على كل التساؤلات حول استمرارية العداوة بين أوروبا والمسلمين، ويلغي زيف الشبهات التي تقول: إن عداوة أوروبا تنطلق من دوافع غير دينية، أو أن الحروب الصليبية نفسها كانت حرباً اقتصادية!
لقد تلا الحروب الصليبية تصفية الوجود الإسلامي في الأندلس بصفة لا نظير لها في التاريخ، ثم كان سقوط القسطنطينية في أيدي المسلمين حادثاً رهيباً أذهب عن أوروبا حلاوة انتصارها في الأندلس، وبعدها جاءت طلائع الحروب الصليبية متخفية برايات المكتشفين الجغرافيين، ثم جاءت الروح الصليبية كامنة في مدافع نابليون، التي تضعنا على أول محاولة ضخمة من أوروبا الحديثة لاستئصال شأفة الإسلام وبذر جذور اللادينية في أبنائه، والحق أن الجنرال اللنبي لم يكن أكثر صراحة حين وقف على جبل الزيتونة في الحرب العالمية الأولى قائلاً: ((الآن انتهت الحروب الصليبية)) كما أن الواقع التاريخى يؤكد أن هذه الحرب لن تنتهي، وأن الذي خدع بعض المستغفلين هو اختلاف فصولها ومظاهرها.
وها هو (جان بول رو) يقرر ذلك قائلاًَ:
(لقد اعتدنا أن نتحدث عن ثمان حملات صليبية الأولى بدأت منها 1096م، والأخيرة انتهت 1270 غير أن هذا التقسيم لا يبدو متجاوباً كثيراً مع الواقع، ويمكننا أن نزيد هذا العدد إذا أخذنا بعين الاعتبار جميع الدفعات التي وجهت إلى الشرق). [1] الإسلام على مفترق طرق، محمد أسد: (55 - 56)، والعراب تعبير كنسي يقصد به وكيل الطفل المعمد.