إبطال دعوى صلب المسيح بدليل تاريخي
وأنتقل بك بعد إلى إبطال دعوى صلب المسيح بدليل تاريخي:
يحدثنا التاريخ أنه قد كان في سلف الدهر رجل من أمره كذا -كما حكى الإنجيل- وبأضغاث أحلام من امرأة اسمها مريم المجدلية، ادعت أنها رأت في منامها هذيانات، فقبلتم أقوالها وشرعتم بها من غير يقين ولا تواتر متصل، وسمع ذلك قيصر بن هَيْلانة حين كثر عدوه وكاد ملكه يذهب؛ لاختلاف رعاياه وأنصاره من الروم عليه، فأراد أن يحملهم على شريعة ينظم به سلوكهم ويؤلف متفرقهم.
فاستشار من لديه من أهل النظر، فوقع اختيارهم على أن يتعبد القوم بطلب دم ليكون ذلك أقوى لارتباطهم معه، وآكد بجدهم في نصرته، فوجد اليهود يزعمون أن في بعض تواريخهم خبرًا عن رجل كان منهم، هَم بنسخ حكم التوراة والانفراد بالتأويل فيها، فطلبوه وهو في نفر يسير وظفروا بواحد اعتقدوا أنه المطلوب فصلبوه، وما عندهم تحقيق بكونه ذلك المطلوب بعينه، إلا فقدهم إياه من حينئذ، فعمد قسطنطين إلى من وجد من أمة عيسى، فوجدهم قد اختلفت آراؤهم بعد المسيح بأربعين سنة، والتفت إليهم غير محسوسين في الأرض، لا يظفر بواحد منهم إلا قتل ومثل به.
فاستخرج قسطنطين ما بقي برسم الشريعة بأيديهم وجمع عليه وزراءه، فأثبت ما شاء وما رآه موافقًا لاختياره، كالقول بالصلب ليتعبد قومه بطلب دم، ثم أكد لهم ذلك بمنام اختلقه لهم، وجمع أنصاره ورعاياه، فلما اجتمعوا ذكر لهم أنه كان يرى في منامه آتيًا أتاه، فيقول له: بهذا الرسم تغلب، ويعرض عليه هيئة الصليب، فأعظمت ذلك العامة ومن يومه عظم الصليب.