وأما قول المانوية في الميعاد:
قال "ماني": إذا حضرت وفاة الصديق أرسل إليه الإنسان القديم إلهًا نيرًا بصورة الحكيم الهادي ومعه ثلاثة آلهة، ومعهم الركوة واللباس والعصابة والتاج، وإكليل النور، وتأتي معهم البكر الشبيهة بنسمة ذلك الصديق، ويظهر له شيطان الحرص والشهوة والشياطين، فإذا رآهم الصديق استغاث بالآلهة التي على صورة الحكيم.
والآلهة الثلاثة سيقربون منه، فإذا رأتهم الشياطين ولت هاربة، وأخذوا ذلك الصديق وألبسوه التاج والإكليل واللباس وأعطوه الركوة بيده، وعرجوا به في عمود السبح إلى فلك القمر وإلى الإنسان القديم وإلى النهنهة أم الأحياء، إلى ما كان عليه أولًا في جنان النور، ثم يبقى ذلك الجسد مُلقًى فتُجتذب منه الشمس والقمر والآلهة النيرون القوى التي هي الماء والنار والنسيم، فيرتفع إلى الشمس، فيصير إلهًا، ويُقذف باقي الجسد الذي هي ظلمة كلها إلى جهنم.
فأما الإنسان المحارب القابل للدين والبِر الحافظ لهما وللصديقين، فإذا حضرت وفاته حضر أولئك الآلهة الذين ذكرتهم، وحضرت الشياطين، واستغاث بما كان يعمل من البر، وحِفظ الدين والصديقين، فيخلصونه من الشياطين، فلا يزال في العالم شبه الإنسان الذي يرى في منامه الأهوال، ويغوص في الوحل والطين، فلا يزال كذلك إلى أن يتخلص نوره وروحه، ويلحق بملحق الصديقين، ويلبس لباسًا بعد المدة الطويلة من تردده، فأما الإنسان الأثيم المستعلي عليه الحرص والشهوة، فإذا حضرت وفاته حضرته الشياطين، فأخذوه وعذبوه وأروه الأهوال، فيحضر أولئك الآلهة ومعهم ذلك اللباس، فيظن الإنسان الأثيم أنهم قد جاءوا لخلاصه، وإنما حضروا لتوبيخه،