أو تضرهم إله يعبدونه، ويستنصرون به في الشدائد، كالماء والنار والأنهار والجبال وغيرها، وكانوا يدعون تلك الآلهة، لتبارك لهم في ذريتهم وأموالهم، من المواشي والغلات والثمار وتنصرهم على أعدائهم.
ولم يصل "الهندوس" إلى عبادة هذه الظواهر دفعة واحدة، إنما مروا بمراحل انتهت بهم إلى عبادتها، ويصور الأستاذ محمد عبد السلام مراحل هذا الانتقال بقوله: "وكانت المظاهر الكونية الجميلة والمناظر العظيمة، باعثة لإيقاظ الشعور الديني فيهم، فأعجبوا بهذه المظاهر واستمتعوا بها، وشكروا لها وامتنوا وأثنوا عليها، ثم ظنوا أن لهذه المظاهر أرواحًا ونفوسًا، كما أن لهم هم أرواحًا ونفوسًا، واعتبروا هذه الأرواح قوة كامنة وراء الظاهر، واعتبروا هذه الأرواح قوة كامنة وراء المظاهر، وبيدها أن تمنحهم هذه المظاهر، التي أعجبتهم أو تحجبها عنهم، فتقربوا إليها بالعبادة والقرابين، واعتبروها آلهة ودعوها عند الحاجات، وعلى هذا كثرت الآلهة عندهم كثرة زائدة، ولكنهم في وسط هذا التعدد، كانوا يميلون أحيانًا للتوحيد أو إلى اتجاه قريب منه؛ فقد كانوا إذا دعوا إلها من آلهتهم، أو أثنوا عليه أو تقربوا إليه بقربان، أقبلوا عليه بكل عواطفهم وجل ميولهم، حتى يغيب عن أعينهم سائر الآلهة والأرباب، ويصير إلهاهم هو ذلك الإله لا غير، فيسمونه بكل اسم هو حسن، ويصفونه بكل صفة كمالية، يخاطبونه برب الأرباب وإله الآلهة، تعظيما وإجلالًا لا تحقيقًا وإيقانًا.
وإذا عطفوا إلى إله غيره، أقاموه مقام الأول وجعلوه رب الأرباب وإله الآلهة، فهذا التعبير رب الأرباب أو إله الآلهة، كان أولا يدل على العظمة والجلال، فلما مضت القرون على هذا النحو، أصبح هذا التعبير ثابت المعنى، أي أنهن اعتقدوا فعلًا أن في صف الآلهة، رئيسًا ومرءوسين وآمرًا ومأمورين، وأن