الكوني أو الإنسان الأول بالخوف من وحدته، فلذلك يخاف الإنسان إلى الآن إذا كان وحيدا، لكنه سأل نفسه لماذا أخاف، ما دام ليس هناك أحد غيري، وإنما يخاف الإنسان من غيره، ووجد نفسه لا يشعر بالسعادة، لذلك لا يشعر الإنسان بالسعادة إذا كان وحيدًا، فرغب في إيجاد قرين له، فقسم نفسه قسمين، قسم بقي على حاله، وتحول القسم الآخر إلى امرأة، فكانت هذه المرأة زوجته، ومن تلك الساعة تسلسل خلق الإنسان.
ونختم كلامنا عن الآلهة، بإبراز أن هذه هي الآلهة عند طبقات الهندوس الأربعة، التي يتكون منها المجتمع الهندوسي، أما المنبوذون فلهم تفكيرهم الديني الخاص، إذ لم يكونوا محسوبين أعضاء بذلك المجتمع، ولم يكونوا تابعين للمجتمع الهندوسي، ولعل من الأفضل أن نتكلم هنا كلمة موجزة، عن عقائدهم ووضعهم السياسي والاجتماعي، في عهد سيطرة الهندوسية.
دين المنبوذين:
والمنبوذون كما سبق القول: هم سكان الهند الأصليون، الذين لا يجري في عروقهم الدم التوراني أو الدم الآري، ويسمون زنوج الهند، وقد حرمهم المجتمع الهندوسي حقوق الإنسان، ونزل بهم إلى مستوى أقل أحيانًا من مستوى الحيوان، ولم يسمح لهم بأن يعتنقوا الدين الهندوسي أو يتخلقوا بآدابه، وتركوا هكذا في حياة بدائية مريرة، ومن ثم اتجهوا في تدينهم إلى الأمور البدائية، فأصبح دينهم أشبه بعبادة الأرواح، التي اعتصمت بها الأقوام الفطرية الساذجة، وأعظم الآلهة في مجتمع المنبوذين، ربما كان كومة من الآجر تمثل أم القرية، أو شيطانها الذي يمنح الخصب للعواقر، ويحمي المحصول من الآفات، ويرعى القرية بعنايته ورعايته، وقد يكون للمنبوذ فكرة غامضة مبهمة، عن كائن سام عظيم، ولكنه إلى جانب ذلك يؤمن بجملة من الأرواح الشريرة.
ولا يزال المنبوذون يعانون هذا أو أكثره حتى اليوم، فالحرف الحقيرة وقف أو ضريبة عليهم، ودور العلم لا تفتح لهم إلا قليلًا، وقد دفع هذا الوضع