ثم قيام الدولة الاشتراكية ذاتها؛ لتتحول إدارة الجهود والإنتاج الفردية إلى إدارة موحدة، وتصبح الدولة هي المالكة الوحيدة لجميع الثروات ووسائل الإنتاج، وجميع المرافق الاقتصادية الأخرى وتتولى استثمارها، وبالتالي تحصل السعادة المنشودة. تلك هي أهم الأمور التي تدور حول مفاهيم الاشتراكية وتحبيبها إلى الناس.
وننظر في هذه الدعاوى التي يقولونها، أما المساواة الاقتصادية بين جميع الأفراد فقد حققها الاشتراكيون، ولكن على الجانب الآخر وقد استطاعوا أن يساووا بين الناس في الفقر، ولكنهم لم يستطيعوا أن يساووا بينهم في الغنى؛ لأن الهدم دائمًا أسهل من البناء وحال الشعوب في الاتحاد السوفيتي بعد انجلاء غمة الاشتراكية عنهم أقوى شاهدًا ودليلًا على ذلك، أما ما هو استغلال الفرد من قبل الأفراد الآخرين أو الجماعة أو الدولة فهي كذبة واضحة؛ حيث إن الدولة استغلت الأفراد من اللحم إلى العظم حتى أصبح الفرد مثله مثل أي قطعة استهلاكية، وأي استغلال أقوى من أن الفرد لا يأكل أي وجبة إلا ببطاقة، ولا يملك سكنًا ولا غيره إلا مع الجماعة، بل وقد يقتل بكل بساطة أمام زملائه إذا اتضح قصوره في العمل، وكذلك إلغاء الملكية الفردية للأرض نعم حققتها الاشتراكية حتى أصبح الناس كلهم لا يملكون شيئًا، وأصبحت الأرض ومن عليها من شجر وبشر ملكًا للدولة، وهو ما كان عليه الحال زمن الإقطاع تمامًا.
أما منح الحق لكل إنسان أن يستخدم كل وسائل الإنتاج علمية أو فنية فنعم، ولكن عمله ليس له، إنما هو يعمل كما تعمل الآلة بل كلل ولا ملل لحساب الدولة التي أممت كل شيء، وسدت كل باب للملكية الفردية، ما دام المصب واحد فلا يضر اختلاف المجاري، أو على حد ما قاله الخليفة العباسي للصحابة: "أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك".
من أكبر مزاعمهم قولهم: إن الاشتراكية إنما قامت في ردِّ فعل ضد الرأسمالية إثر ظهور الثورة الصناعية التي أسهمت في شقاء العمال والكادحين؛ حيث أدت إلى