قد يكون النزاع إما أمر بمعروف أو نهي عن منكر، وليس هو من قبيل الحرب الاقتصادية أو بسبب الملكية الفردية أو الجماعية كما يزعم الملاحدة، أو أنه حرب طبقات، ومن أقوى ما يدل على كذب الملاحدة في زعمهم أن نزع الملكية الفردية ينهي الصراعات، ويؤلف القلوب ويساوي بين طبقات المجتمع كلهم فيعيشون عيشة ملائكية، من أقوى ما يدل على كذبهم هذه الصراعات التي لا نهاية لها بين مختلف معسكرات الشيوعية، مع أن الملكية الفردية لا وجود لها في دستورهم، فلماذا إذًا هذه الصراعات وعلى أي شيء؟! وصدق الله -عز وجل- حين يقول: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} (فاطر: 43)، كما أن زعمهم أن الصراع هذا لا يزول إلا بزوال الملكية الفردية كلام كاذب، فإن الصراع باق والملكية الفردية كذلك لن تزول من نفوس الناس.
والدليل على ذلك أن الصراع لم ينته مع وجود القمع الشديد للملكية الفردية في البلاد الماركسية، بل إن الصراع لا يمكن أن ينتهي ليس بين الناس فحسب بل والحيوانات كلها. قد عاش الناس في ظل النظام الشيوعي حقبة من الزمن، وهم ينتظرون تلك الجنة الموعودة التي وعد بها "كارل ماركس"، بعد أن وضعت الحرب الطبقية أوزارها، وبعد أن قضى النظام الماركسي على الملكية الفردية بكل وحشية عرفتها البشرية، انتظر الناس ذلك اليوم الذي يزول فيه الصراع الطبقي بكل أشكاله، فلا يبقى صراع ولا أحقاد ولا حاكم ولا جيش ولا سجون يعيشون كالخراف الأليفة، ولكن ماذا كانت نتيجة هذا الانتظار؟! لقد عاش المجتمع الشيوعي صراعًا طبقيًّا مريرًا، سواء أكان على مستوى الأفراد أو على مستوى الدولة، إلى أن هدأت عاصفة الشيوعية، كيف لا يحصل صراع بين جماعات قامت في الأساس على الصراع، بل وعلى مشروعية الصراع وضرورته لقيام حكم "البروليتاريا" كما يزعمون، حتى أصبح الصراع