القول، أو فعل ذلك الفعل لا يُحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها"، وهذا الأمر مطرد في نصوص الوعيد عند أهل السنة والجماعة فلا يشهد على معين من أهل القبلة بأنه من أهل النار؛ لجواز ألا يلحقه لفوات شرط أو لثبوت مانع.
ويقرر هذا المعنى أيضًا العلامة محمد صديق حسن خان -رحمه الله- فيقول: "تسجيل أهل السنة على بعض الفرق بأن عقيدتها كفر، والقول الفلاني كفر، ويصير المرء بالقول الفلاني كافرًا مثلًا، فهذه رواية منهم لما ورد عن الله، وعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيهم، وهم مع ذلك مقتصرون على ما ورد لا يزيدون فيه ولا ينقصون منه، ولا يفرطون، ولا يتطرفون، ولا ينصون على شخص واحد، ورجل خاص أنه كافر، أو أنه في النار؛ بل قولهم في هذه المواضع كقوله -صلى الله عليه وسلم- ((من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر))، وقوله -صلى الله عليه وسلم- ((لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)) ونحو ذلك من العبارات ((ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا أو يقولون كذا وكذا))، فهذه قاعدة عظيمة بني عليها منهج أهل السنة في مسألة التكفير، وقد انتهجها علماؤهم وأئمتهم، فمذهبهم مبني على التفصيل والتفريق بين النوع والعين، أو بين الإطلاق والتعيين، لا كما يفعل الحبشي فيكفر المعين بإطلاق دون ضوابط أو شروط.
أما استدلال الحبشي بتكفير الإمام الشافعي لحفص الفرد فلا يُؤخذ هذا على إطلاقه، بل لعل الشافعي أراد أن قوله كفر، أو أنه من باب التغليظ ونحو ذلك، وهذا ما فهمه الأئمة من كلام الشافعي ف، هو من باب التنفير من البدع الخطيرة، يقول ابن تيمية: "فإذا رأيت إمامًا قد غلظ على قائل مقالته أو كفره؛ فلا يعتبر هذا حكمًا عامًّا في كل من قالها، إلا إذا حصل الشرط الذي يستحق به التغليظ