الطرف عن هؤلاء الزائرين وجموعهم لقاء رشاوى يتقاضونها، وضاقت المدينة بالزائرين فنقصت المواد الغذائية وارتفعت الأسعار، وجأر أهل المدينة بالشكوى إلى السلطة ورفعت عريضة إلى القصر السلطاني العثماني، كما أن وشاية سعى بها المسيح الجديد المزعوم إلى المسئولين، تقول بأن "سباتاي زئيفي" يريد إنشاء دولة داخل الإمبراطورية العثمانية من وراء دعوته المزيفة، وإزاء كل ذلك وما يشكل من خطر على السلطة رأى المسئولون في الدولة أن يضعوا حدًّا نهائيًّا لهذه الظاهرة، فأمروا بنقل "سباتاي زئيفي" إلى قصر أدرنه لحسم الأمر، وظن الأتباع والمريدون أن فجرًا جديدًا سوف يبزغ عليهم، وأن سلطانهم سيعلو ورايتهم ستخفق، وأن معجزة المسيح المزعوم "سباتاي" سوف تقلب الأمر لصالحهم رأسًا على عقب.
أول الدونمة
سبق القول إن "سباتاي" نقل إلى أدرنه، وفي إحدى غرف قصر أدرنه جلس السلطان محمد الرابع يستمع إلى الحوار الذي كان يجري في غرفة مجاورة، بين مصطفى باشا القائم بأعمال رئيس الوزراء شيخ الإسلام يحيى أفندي منقري زاده، وإمام القصر محمد أفندي وائلي من جهة، و"سباتاي زئيفي" من جهة أخرى، وقد قيل لـ "سباتاي" عن طريق الترجمان: "تدعي أنك المسيح فأرنا معجزتك سنجردك من ثيابك ونجعلك هدفًا لسهام المهرة من رجالنا، فإن لم تغرز السهام في جسمك فسيقبل السلطان ادعاءك"، وقد أدرك "سباتاي" أبعاد الموقف وأخطاره والموت الذي يتربص به، وأن النهاية قد دنت إن هو استمر في أكذوبته، فترى ماذا يفعل وهو اليهودي الماكر المجبول على الغدر والمخاتلة والخداع؟!؟