فلسطين، وذلك تنفيذا لقول اليهود في محاكمة المسيح: دمه علينا وعلى أولادنا طلبًا للغفران قبل تحرير القدس، وكانت صورة اليهودي قرب نهاية القرون الوسطى لا تظهر في الرسوم والحكايات الشعبية إلا على صورة إنسان نجس وخاطئ، وعلى شكل بومة أو أفعى، كما ظهرت صورة اليهودي التائه صاحب الأنف المقوس والرجل الهرم ذي اللحية، والملامح العابسة والكريهة.
واعتادت الجماعات اليهودية حياة الاضطهاد فمالت إلى العزلة، وأدى هذا الوضع إلى بروز ظاهرة الجيتو في أواخر القرن الخامس عشر، حيث تم وضع اليهود داخل أحياء منفصلة تحاط بها أسوار مرتفعة، ولها بوابتان يقف عليها حرس مسيحي وتغلق أبوابه في المساء، وكانت الجماعات اليهودية تتعرض للثورات الشعبية في أثناء حدوث أزمات أو انتشار مرض معين. مثل: الطاعون أو الموت الأسود، حيث كان يلقى باللوم على اليهود، توجه إليهم تهمة نشر الوباء، ولعل كل هذا الاضطهاد هو الذي شكل العمق التاريخي للموقف الفكري والسياسي لحركة النازية الألمانية تجاه اليهود في القرن العشرين، وهكذا عرفت أوربا سلسلة دامية من الأحداث والصراعات واضطهاد اليهود طوال القرون الوسطى.
وقد طرد اليهود من انجلترا في نهاية القرن الثالث عشر وحتى نهاية القرن السادس عشر، ولم تكن تسمح السلطات الإنجليزية لأعضاء الجماعات اليهودية بتولي المناصب في مجالس البلديات، أو في الوظائف المدنية، ولم يصل إلى البرلمان الإنجليزي عضو يهودي واحد حتى سنة 1858، قد كان أول وزير يهودي إنجليزي هو "هربرت صموئيل" سنة 1904، وكذلك الحال في روسيا حيث لم يسمح لليهود بدخول المدارس الروسية، ولم يسمح لهم بالعمل في حقل المحاماة