قومنا يجوبون الشوارع والميادين وسطوح البيوت ليرووا غليلهم من التقتيل، وذلك كاللبؤات التي خطفت صغارها، وكانوا يذبحون الأولاد والشبان والشيوخ ويقطعونهم إربًا إربًا، وكانوا يشنقون أناسًا كثيرين بحبل واحد بغية السرعة، فيا للعجب ويا للغرابة، كانت الدماء تسيل كالأنهار في المدينة المغطاة بالجثث. ويقول في موضع آخر: واغتاظ مؤرخو النصارى أنفسهم من سلوك حماة النصرانية، مع اتصاف هؤلاء المؤرخين بروح الإغضاء والتساهل، إلى غير ذلك من أحداث".
فإذا قفزنا إلى العصر الحديث وجدنا أن العالم النصراني يدعم الأصولية النصرانية دعمًا لا نظير له، ولعل هذا الدعم يتبين بصورة واضحة عند ذكر تطبيقات الأصولية النصرانية، فمثلًا أحد رؤساء أمريكا وهو "ويلسون" الذي كان يحب أن يلقب بابن راعي الكنيسة، وهو أصولي متعصب جدًا، و"نيكسون" أيضًا كان أكثر رؤساء أمريكا فكرًا وتنظيرًا يقول في كتابه (نصر بلا حرب): "إن صراع العرب ضد اليهود يتطور إلى نزاع بين الأصوليين الإسلاميين من جانب، وإسرائيل والدول العربية المعتدلة له من جانب آخر". ويختم كتابه بعبارات لا يتفوه بها إلا أعتى الأصوليين الإنجيليين فيقول: "عندما كانت أمريكا ضعيفة وفقيرة منذ مائتي سنة مضت كانت عقيدتنا هي المبقية علينا، وعلينا ونحن ندخل قرننا الثالث نستقبل الألف سنة المقبلة يجب أن نعيد اكتشاف عقيدتنا ونبث فيها الحيوية"، وقد نشرت له مجلة الشئون الخارجية تعليقًا على اللقاء الأول بين "ريجان" و"جورباتشوف": "يجب على روسيا وأمريكا أن تعقد تعاونًا حاسمًا لضرب الأصولية الإسلامية".
ومن الأدلة التي يستدل بها الباحثون على تدين أمريكا وعودتها إلى المحافظة: أنها اختارت آخر رئيسين قبل "بوش" من المتدينين الأصوليين، وهم "كارتر"