والجاهل تارة يُذكر على سبيل الذمِّ, اللفظ (جاهل) تارة يُذكر على سبيل الذمِّ, وهو الأكثر, وتارةً لا على سبيل الذم, يعني ليس كل من قيل فيه إنه جاهل يكون مذموماً, أليس كذلك؟ , ولذلك جاء قوله {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ} الجاهل ما المراد به هنا؟ الذي لا يعرف حالهم, {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ} هل هذا مذموم؟ لا, ليس بمذموم, إذاً ليس كل جهلٍ يُعتبر مذموماً, وإنما يكون مذموماً إذا كان مخالفاً لـ .. للشرع, لكن المراد بالجاهلية الذي هو نسبة للجاهل الذي هو على جهة الذمّ, لأن الشرع أطلق هذه اللفظ ورتّب عليها المذمة كما سيأتي, إذاً الجاهل تارة يُذكر على سبيل الذم وهو الأكثر وهو المراد هنا, وتارة لا على سبيل الذم, نحو {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ} أي من لا يعرف حالهم, وليس يعني أن المتخصص بالجهل مذموم, والمجهل الأمر والأرض والخصلة التي تحمل الإنسان على الاعتقاد بالشيء خلاف ما هو عليه, هذه كلها معاني للجهل وكلها مُرادة هنا في هذا الموضع, كلها مرادة هنا, فالجاهلية نسبة إلى الجاهل, والجاهل هذا وصف .. اسم فاعل مأخوذ من الجهل, والمراد بالجهل هنا عدم العلم وفقد العلم وكذلك الخصال التي عليها الإنسان مما خالف فيه الواقع وكذلك الطيش وكذلك الخفة, فكل ما وقع في الجاهلية فهو داخلٌ في هذا الحد, إذاً هذه المعاني اللغوية كلها مُرادةٌ هنا فلا تعارض بينها, لا نُرجّح معنى من هذه المعاني ونقول هو المراد, لماذا؟ لأن الشارع أطلق هذا اللفظ (الجاهلية) , كما سيأتي, ولم يُعيّن معنى من المعاني, ولذلك جاء في عدة مواضع, كما سيأتي في الكتاب والسنة, أُطلق هذا اللفظ, جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر (إنك امرؤٌ فيك جاهلية) , والمراد بها هنا الصفة, التي هي التعيين والتنقيص والتعييب, كما سيذكر المصنف رحمه الله تعالى في ضمن المسائل, حينئذٍ نقول هذه الصفة تعتبر جاهلية, حينئذٍ هو خفة وهو طيشٌ وهو عدم علم بمقدار الإنسان ونحو ذلك, وأما الجاهلية في الاصطلاح أو الشرع فقد اختلفت عبارات العلماء في تعريفها, اختلفت العبارات .. العلماء في تعريف الجاهلية, وهذه التعاريف متقاربة, كلها متقاربة ومتداخلة وكلها صحيحة, كلها .. صحيحة, ولا يُنظر, كما ذكرت مراراً, في مثل هذه المواضع أن نأتي بحدٍ جامعٍ مانع, كما يدعيه أرباب الفنون, بمعنى أننا في مسائل التوحيد وفي مسائل العقيدة نأتي بلفظٍ شرعي ونعبر عنه بألفاظٍ شرعية ولا يُشترط أن نأتي بالجنس والفصل ونقول هذا جامع وهذا مانع ويَرِدُ على التعريف ... إلخ, هذه طريقة ليست .. ليست سلفية, وإنما هي طريقة المتأخرين, وقد يُتساهل أو تُقبل في علوم الآلة ونحوها مما أن تُذكر فيها هذه الحدود, وأما العقيدة وما يتعلق بها حينئذٍ لابد من مجانبة هذه التعاريف وإنما نأتي بتعريف ولو كان مشتملاً على ثلاثة أسطر, خمسة أسطر, عشرة أسطر, من أجل البيان والإيضاح, فكلما كان التعريف أكثر وضوحاً فهو أولى بـ .. بالقبول, وهذه طريقة السلف في ..