نام کتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل نویسنده : آل الشيخ، صالح جلد : 1 صفحه : 520
[المسألة الخامسة] :
في قوله (أَرْوَاحِ الْعَالَمِينَ) لفظ (الْعَالَمِينَ) يريد به هنا من له رُوحْ من المُكَلَّفين.
(بِقَبْضِ أَرْوَاحِ العَالَمِينَ) يعني من له روح من المكلفين دون غيرهم، وذلك لِدِلَالَةْ ظاهر الآية على ذلك بقوله {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} {يَتَوَفَّاكُمْ} الخطاب للمُكَلَّفين من الجن والإنس.
ولفظ (العَالَمينَ) له في القرآن عدة إطلاقات:
1- الإطلاق الأول: وهوالمعروف وهو أنه اسم لكل ما سوى الله - عز وجل -، وهذا هو الذي يُذْكَرْ عند قوله تعالى {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، يقول العلماء: العالمون اسم لكل ما سوى الله - عز وجل -، فكل ما سوى الله عَالَمْ وأنا واحِدٌ من هذا العالم.
لكن هذا الاستدلال أو هذا التفسير ليس تفسيراً وحيداً؛ يعني ليس إطلاق لفظ (العَالَمينَ) على هذا المعنى فقط، فإنَّ العالمين كلفظ في الكتاب والسنة يطلق على هذا المعنى ويُطْلَقُ إطلاقات أُخَرْ.
2- الإطلاق الثاني: أنَّهُ يراد بـ (العَالَمينَ) الناس الذين تُشَاهِدُهُم، كما في قوله - عز وجل - {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ} ، ومعلومٌ أنَّ {الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ} لا يشمل الملائكة لأنهم ليسوا بإناث ولا يشمل الجن لأنهم لا يدخلون في هذا اللفظ.
فقوله {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ} يعني به - عز وجل - أو معنى الآية يعني الناس الذين يأتُونَهُم ويَرَونَهُم.
3 - الإطلاق الثالث: يأتي لفظ (الْعَالَمِينَ) ويُرَادُ به أهل الزمان الواحد من الإنس والجن، أهل الزمان الواحد يقال لهم عالمَوُنْ، وهذا يُسْتَدَلُّ عليه بقول الله - عز وجل - {وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الدخان:32] ؛ يعني بهم بني إسرائيل اخْتِيرُوا على العالمين المراد بهم أهل الأرض في ذلك الوقت، أهل ذلك الزمان من الجن والإنس، وقد اختار الله - عز وجل - بني إسرائيل على علم لأنَّهم أصلح ذلك الزمان.
وهذه الإطلاقات الثلاث موجودة أيضاً في السنة.
ومن أهل العلم من يُقَسِّمْ هذا التقسيم ومنهم من يقول إنَّ المراد هو الأول فقط.
وهذا الإطلاق الأول (عَالَمْ) وهو أنَّ كل ما سوى الله - عز وجل - عَالَمْ وأنا واحد من هذا العالم، هذا عامٌّ يُرَادُ به الخصوص في مواضع.
وهذا وَجْهْ هو قوي وواضح؛ يعني أنَّ السياق يَدُلُّ على إخراج بعض ما دل عليه العموم، فقول الله - عز وجل - {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ} معلومٌ أنَّهُ لا يدخل فيهم الجن ولا يدخل فيهم من ليس مُشَاهَدَاً لهم إلى آخره، فلم يأتوا كُلَّ ذَكَر وإنما أَتَوا بعض الذكور الذين رَأَوهُمْ، فيكون هذا من العام الذي أُرِيْدَ به الخصوص، كذلك قوله {وَلَقَدْ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} يُرَادُ به العَالَموُن الذين في زمانهم فهذا من العام المخصوص؛ لأنهم لم يُفَضَّلُوا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يُفَضَّلُوا على الملائكة فيكون هذا من العام المراد به الخصوص.
المقصود من ذلك أنَّ قوله هنا (الْمُوَكَّلِ بِقَبْضِ أَرْوَاحِ الْعَالَمِينَ) يُرَادُ به العالَمون الذين لهم روح ومن المكلّفين.
نقف عند هذا إن شاء الله تعالى، ونكمل غَدَاً بإذن الله.
نام کتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل نویسنده : آل الشيخ، صالح جلد : 1 صفحه : 520