نام کتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل نویسنده : آل الشيخ، صالح جلد : 1 صفحه : 702
[المسألة الأولى] :
الله - جل جلاله - هو المختص بعلم الغيب فلا يعْلَمُ أحدٌ الغيب، بل الله - عز وجل - هو الواحد الأحد وهو العالم بغيب السماوات والأرض وما فيهن ومن فيهن، قال - عز وجل - {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام:59] ، وقال - عز وجل - في سورة النمل {قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل:65] ، وقال - عز وجل - {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} [الجن:26-28] ، الآية وكذلك في قوله - عز وجل - {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ} [لقمان:34] ، فدَلَّتْ هذه الآيات أنَّ علم الغيب مختصٌ بالله - عز وجل -، والمقصود به علم الغيب المُسْتَقْبَلْ؛ يعني ما سيكون في الأرض أو في السماء هذا لا يعلمه على اليقين والحقيقة إلا الله - عز وجل -، وإنما الناس يَخْرُصونَ في ذلك فواجبٌ اعتقاد أنَّ الله - عز وجل - يعلم الغيب وحده - جل جلاله - وتقدست أسماؤه.
ومن ادَّعَى شيئاً من علم الغيب فإنما هو من الشياطين أو من إخوان الشياطين كما قال - عز وجل - {وَيَوْمَ نحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا} [الأنعام:128] ، فذكر أَنَّ الجني يستمتع بالإنسي بعبادته له وتقرُّبِهِ له، وأنَّ الإنس يستمتع بالجني بما يخبره من المُغَيَّبَاتْ وما يكون.
هذا دلَّتْ عليه أيضاً عدد من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت الكهانة وهي ادِّعَاء ما يُسْتَقْبَلْ من الأمور من الغيبيات، أو العِرَافَةْ -سيأتي تفسيرها- كانت من الأمور الشائعة في زمنه صلى الله عليه وسلم وقبل ذلك من أمور الجاهلية.
وقد روى مسلمٌ في الصحيح (أنَّ معاوية بن الحكم السُّلَمِي أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له إنَّ رجالاً يَتَكَهَّنُونَ فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك) [1] ، وقد جاء أيضاً في الحديث (ليس منَّا من تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ له) [2] ، وسيأتي باقي الأحاديث في الكهانة.
وسبب ادِّعاءْ علم الغيب في الناس من قبيل الكُّهَانْ أو العَرَّافِين أو المُنَجِّمِين أو من شابههم هو أنَّ الشياطين تُمِدُّهُم بالمعلومات.
والشياطين قد تُمِدُّهُم بمعلوماتٍ كاذبة، وقد تُمِدُّهُم بمعلومات فيها صدق، وقد يكذب الكاهن أو العراف أو المنجم مع ما أَتَاهُ من المعلومات مائة كذبة أو أكثر.
وما يَصْدُقُونَ فيه من الإخبار بالمعلومات سببه أنَّ الله - عز وجل - إذا أوحى بالأمر في السماء وأَمَرَ ملائكته به مما يُنْفِذُهُ في خلقه -لأنَّ الملائكة مُنَفِّذُونَ لأوامر الله - عز وجل -- فإنَّ الشياطين أعطاهم الله - عز وجل - القدرة على الاستماع وعلى الصعود وأن يَعْلُوَ بعضهم بعضاً فيما أَقْدَرَهُمْ الله عليه.
فربما استمعوا إلى بعض ما يوحيه الله - عز وجل - لملائكته وما يُلْقيه الملائكة بعضُهُمْ إلى بعض.
ولأجل هذا مُلِئَتْ السماء بالشهب وحُرِسَتْ بالنجوم التي تقتل من يسترق السمع، كما قال - عز وجل - {إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ} [الحجر:18] ، وقال - عز وجل - {فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ} [الصافات:10] وقال - عز وجل - {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم:[1]] في بعض التفاسير.
فجعل الله - عز وجل - في السماء رُجُومَاً للشياطين وهي هذه الشهب.
وإذا كان كذلك فإن مَلْءْ السماء بالشُهُبْ واستراق السمع له تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى في مسألةٍ لاحقة. [1] مسلم (5949) [2] المعجم الكبير (355)
نام کتاب : شرح الطحاوية = إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل نویسنده : آل الشيخ، صالح جلد : 1 صفحه : 702