يخلق الكفر في قلب الكافر؟ وألزموا الأشاعرة قائلين: «لا سبيل إلى القول باستحالته [أي الكذب من الله] عقلًا، إذ قد منعتم [معشر الأشاعرة] أن يكون الحُسن والقبح ذاتيًّا، ولا سبيل إلى إدراكه بالسمع، إذ السمع متوقفٌ على صحة النبوة، والنبوة متوقفةٌ على استحالة الكذب في حكم الله، فلو توقف ذلك على السمع كان دورًا ممتنعًا» [1].
ثم اعترف الآمدي باضطراب الأشاعرة في الجواب عن هذه الشبهة [2] التي لا مناص لهم حيالها من التزامٍ للباطل، أو اعترافٍ بالتناقض؛ فإما أن يبطلوا دعواهم، أو يبطلوا أصلهم في التحسين والتقبيح ولا بد.
وحاول هو أن يأتي بجواب مقنع فقال: «والذي يخُمد ثائرةَ هذا الإشكال ... وإن كان عند الإنصاف في التحقيق عويصًا هو أن يقال: إن [1] غاية العرام (ص (329)). [2] انظر الجواب الركيك الذي أجاب به الجويني عن هذه الشبهة، الإرشاد (ص326، 332 - 337)، وقد ذكر جواب أبي إسحاق الإسفرائيني وعقب عليه قائلًا: «ولسنا نرى ذلك مقنعًا في الحجاج».
أما الشهرستاني فقد اضطر أن يجيب بقوله: «نحن نجوز الإضلال على الله تعالى، ولكن بشرط أن لا يقع خلاف المعلوم، وبشرط ألا يتناقض الدليل والمدلول، ولا يلتبس الدليل والشبهة ..». نهاية الإقدام (ص440).
فانظر إلى تهافت أجوبتهم، ونقد بعضهم بعضًا في مسألة لا يشك فيها أجهل العوام، ولكنها الأصول الفاسدة!!.