وجوابهم: إن هذا من باب (العقليات) لا من باب (السمعيات) [1]، فإذا طلبنا منهم الإيضاح قالوا: إن العقل يحيل الجهة على الله تعالى - أي يحكم باستحالة ثبوت جهةٍ له سبحانه -؛ لأن إثبات الجهة من خصائص الأجسام، ونحن ننزه الله تعالى عن الجسمية [2].
فإذا سئلوا: وبم أثبتم الرؤية؟.
قالوا: أثبتناها بالعقل [3] لا بمجرد السمع؛ لأن العقل يجيز الرؤية دون اشتراط المقابلة والجهة وانطلاق شعاع من عين الرائي إلى المرئي ... إلخ.
فانظر إلى عقلهم هذا الذي حكم باستحالة العلو، ولم يحكم باستحالة ذاتين منفصلتين يرى كل منهما الآخر بلا جهة ولا مقابلة!!.
وبهذا سخر منهم المعتزلة قائلين: «من أثبت الرؤية وأنكر الجهة فقد أضحك الناس على عقله» [4].
ثم نأتي لبيان وجه آخر من أوجه التناقض فنسألهم: قد علمنا بم أثبتم الرؤية وأنكرتم العلو، فبم أثبتم الصراط؟.
وجوابهم: إن هذا من باب (السمعيات)، نؤمن به لأنه غير [1] وقد سبقت الإشارة (ص45) إلى أن كل ما يتقدم على إثبات الكلام حسب الأهمية عندهم فهو من باب العقليات. [2] وعلى هذا مدار كتاب (تأسيس التقديس). وقد سبق ذكر النصوص العشرة التي رآها صاحب (المواقف) في مسألة الفوقية. وقريبٌ منها في (الشامل). [3] الإرشاد (ص181)، وغاية المرام (ص159). [4] انظر بيان تلبيس الجهمية (ص (88)).