نام کتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 143
ولكن الله سبحانه كان يريد أن تقوم آصرة التجمع على العقيدة وحدها - كما تقدم - وأن تكون العقيدة أرجح في ميزان القلوب المؤمنة من كل ما عداها. سواء من القرابات والصداقات أم من المنافع والمصالح. كما أنه - سبحانه - كان يريد أن يعلمهم أنه هو الرزاق وحده، وأن هذه الأسباب الظاهرة للرزق ليست هي الأسباب الوحيدة التي يملك أن يسخرها لهم بقدرته.
وكان في المجتمع المسلم من ضعاف القلوب والمترددين والمؤلفة قلوبهم والمنافقين، وغيرهم كذلك ممن دخلوا في دين الله أفواجا ولم ينطبعوا بعد بالطابع الإسلامي من يفرق من قتال المشركين كافة ومن الكساد الذي ينشأ من تعطيل المواسم، وقلة الأمن في التجارة والتنقل وانقطاع الأواصر والصلات وتكاليف الجهاد العام في النفوس والأموال. ولا يجد في نفسه دافعا لاحتمال هذا كله، وهو إنما دخل في الإسلام الغالب الظاهر المستقر فهي صفقة رابحة بلا عناء كبير .. أما هذا الذي يرادون عليه فما لهم وما له وهم حديثوا عهد بالإسلام وتكاليفه؟! ..
وكان الله - سبحانه - يريد أن يمحص الصفوف والقلوب، وهو يقول للمسلمين «أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ، وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ».
هذه الأعراض المتشابكة في المجتمع المسلم المختلط - بعد الفتح - اقتضت ذلك البيان الطويل المفصل المتعدد الأساليب والإيحاءات في هذا المقطع، لمعالجة هذه الرواسب في النفوس، وهذه الخلخلة في الصفوف، وتلك الشبهات حتى في قلوب بعض المسلمين المخلصين ..
اقتضت أن تفتتح السورة بهذا الإعلان العام ببراءة الله ورسوله من المشركين، وأن يتكرر إعلان البراءة من الله ورسوله بعد آية واحدة بنفس القوة ونفس النغمة العالية حتى لا يبقى لقلب مؤمن أن يبقى على صلة مع قوم يبرأ الله منهم ويبرأ رسوله: «بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ» .. (1) «وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ» .. (3)
نام کتاب : مفهوم الولاء والبراء في القرآن والسنة نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 143