responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات نویسنده : شحاتة صقر    جلد : 1  صفحه : 236
الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب [1].
كان والله كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القويُّ في باطله، ولا ييأس الضعيفُ من عدله.
فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، يميل في محرابه قابضًا على لحيته، يتململ تململ السليم [2]، ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: «يا ربنا، يا ربنا، يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا: «إلىّ تغررت؟ إلىّ تشَوَّفْت؟ هيهات، هيهات، غُرّي غَيري، قد بَتَتّكِ ثلاثًا، فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك كبير، آهٍ آهٍ من قلة الزاد، وبُعد السفر ووحشة الطريق».
فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال ـ أي معاوية - رضي الله عنه - ـ: «كذا كان أبو الحسن ـ رحمه الله ـ، كيف وَجْدُكَ عليه يا ضرار؟».
قال ضرار: «وَجْدُ من ذُبح واحِدُها في حِجْرِها، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها»، ثم قام فخرج [3].
قال القرطبي في كتابه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم) معلقًا على وصف ضرار لعلي - رضي الله عنه - وثنائه عليه بحضور معاوية، وبكاء معاوية من ذلك، وتصديقه لضرار فيما قال: «وهذا الحديث يدل على معرفة معاوية بفضل علي - رضي الله عنهما - ومنزلته، وعظم حقه ومكانته، وعند ذلك يَبْعُد على معاوية أن يصرح بلعنه وسبه، لَِما

[1] غليظ، أو بلا إدام.
[2] اللديغ.
[3] حلية الأولياء (1/ 84 - 85).
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات نویسنده : شحاتة صقر    جلد : 1  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست