نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 285
وقال القرطبي في شرحه لهذه الأحاديث في كتابه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم): «وحُبُّ الأَْنْصَارِ ـ من حيث كانوا أنصارَ الدِّينِ ومُظهِريهِ، وباذلين أموالَهُمْ وأَنْفُسَهُمْ في إعزازِهِ وإعزازِ نبيِّه - صلى الله عليه وآله وسلم - وإعلاءِ كلمته ـ دلالةٌ قاطعةٌ على صِحَّةِ إيمانِ مَنْ كان كذلك، وصحَّةِ محبَّته للنبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، وبُغْضُهم لذلك دلالةٌ قاطعةٌ على النفاق.
وكذلك القولُ في حُبِّ عليٍّ وبغضه - رضي الله عنه - وعنهم أجمعين: فمَنْ أحبَّه لسابقته في الإسلام، وقِدَمِهِ في الإيمان، وغَنَائِهِ فيه، وذبِّه عنه وعن النبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، ولمكانته منه - صلى الله عليه وآله وسلم - وقرابتِهِ ومصاهرته، وعلمِهِ وفضائله، كان ذلك منه دليلًا قاطعًا على صِحَّةِ إيمانه ويقينِهِ ومحبتِهِ للنبيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم -، ومَنْ أبغضَهُ لشيء من ذلك، كان على العكس.
قال الشيخ - رحمه الله -: «وهذا المعنَى جارٍ في أعيان الصحابة - رضي الله عنهم - كالخلفاء، والعَشَرة، والمهاجرين ـ بل وفي كُلِّ الصحابة؛ إذْ كُلُّ واحدٍ منهم له سابقةٌ وغَنَاءٌ في الدِّين، وأَثَرٌ حَسَنٌ فيه؛ فحبُّهم لذلك المعنى محضُ الإيمان، وبُغْضُهُمْ له محضُ النفاق.
وقد دَلَّ على صحَّة ما ذكرناه: قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما خرَّجه البَزَّار في أصحابه كلِّهم: «فَمَنْ أحبَّهم فبحبِّي أحبَّهم، ومَنْ أبغضَهُمْ فببغضي أبغَضَهُمْ» [1]. [1] قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، اللهَ اللهَ فِي أَصْحَابِي، لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَمَنْ آذَى اللهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ» (رواه الإمام أحمد والترمذي، وصحح إسناده حمزة الزين في تحقيقه للمسند (20456)، ولم أجده في مسند البزار).
(اللهَ اللهَ) أَيْ اِتَّقُوا اللهَ ثُمَّ اِتَّقُوا اللهَ (فِي أَصْحَابِي) أَيْ فِي حَقِّهِمْ. وَالْمَعْنَى لَا تُنْقِصُوا مِنْ حَقِّهِمْ وَلَا تَسُبُّوهُمْ، أَوْ التَّقْدِيرُ: أُذَكِّركُمْ اللهَ ثُمَّ أَنْشُدُكُمْ اللهَ فِي حَقِّ أَصْحَابِي وَتَعْظِيمِهِمْ وَتَوْقِيرِهِمْ كَمَا يَقُولُ الْأَبُ الْمُشْفِقُ اللهَ اللهَ فِي حَقِّ أَوْلَادِي. (لَا تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا) أَيْ هَدَفًا تَرْمُوهُمْ بِقَبِيحِ الْكَلَامِ كَمَا يُرْمَى الْهَدَفُ بِالسَّهْمِ.
(فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ) أَيْ بِسَبَبِ حُبِّهِ إِيَّايَ أحَبَّهُمْ، أَوْ بِسَبَبِ حُبِّي إِيَّاهُمْ أحَبَّهُمْ.
(وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضُهُمْ) أَيْ إِنَّمَا أَبْغَضُهُمْ بِسَبَبِ بُغْضِهِ إِيَّايَ.
(أَنْ يَأْخُذَهُ) أَيْ يُعَاقِبَهُ فِي الدُّنْيَا أَوْ فِي الْآخِرَةِ. (اهـ باختصار من تحفة الأحوذي).
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات نویسنده : شحاتة صقر جلد : 1 صفحه : 285