responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات نویسنده : شحاتة صقر    جلد : 1  صفحه : 52
وَحِينَئِذٍ فَمَنْ جَزَمَ فِي وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ بِأَنَّ لَهُ ذَنْبًا يَدْخُلُ بِهِ النَّارَ قَطْعًا فَهُوَ كَاذِبٌ مُفْتَرٍ. فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ لَكَانَ مُبْطِلًا فَكَيْفَ إذَا قَالَ مَا دَلَّتْ الدَّلَائِلُ الْكَثِيرَةُ عَلَى نَقِيضِهِ؟ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ـ وَقَدْ نَهَى اللهُ عَنْهُ: مِنْ ذَمِّهِمْ أَوْ التَّعَصُّبِ لِبَعْضِهِمْ بِالْبَاطِلِ ـ فَهُوَ ظَالِمٌ مُعْتَدٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فِرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» [1]. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ عَنْ الْحَسَنِ: «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» [2].
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَمَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: «تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ»، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)} (الحجرات:9) فَثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُسْلِمُونَ وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَاَلَّذِينَ مَعَهُ كَانُوا أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ الطَّائِفَةِ الْمُقَاتِلَةِ لَهُ» اهـ [3].
وقال أيضًا - رحمه الله -:
«وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ الْمُخْتَارُ الْإِمْسَاكَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالِاسْتِغْفَارَ لِلطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا وَمُوَالَاتَهُمْ؛ فَلَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ اعْتِقَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَسْكَرِ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجْتَهِدًا مُتَأَوِّلًا كَالْعُلَمَاءِ بَلْ فِيهِمْ الْمُذْنِبُ وَالْمُسِيءُ وَفِيهِمْ الْمُقَصِّرُ فِي الِاجْتِهَادِ لِنَوْعِ مِنْ الْهَوَى لَكِنْ إذَا كَانَتْ السَّيِّئَةُ فِي حَسَنَاتٍ كَثِيرَةٍ كَانَتْ مَرْجُوحَةً مَغْفُورَةً.
وَ (أَهْلُ السُّنَّةِ) تُحْسِنُ الْقَوْلَ فِيهِمْ وَتَتَرَحَّمُ عَلَيْهِمْ وَتَسْتَغْفِرُ لَهُمْ لَكِنْ لَا يَعْتَقِدُونَ الْعِصْمَةَ مِنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ وَعَلَى الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ إلَّا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم -.
وَمَنْ سِوَاهُ فَيَجُوزُ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ عَلَى الذَّنْبِ وَالْخَطَأِ لَكِنْ هُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ} الْآيَةَ. وَفَضَائِلُ الْأَعْمَالِ إنَّمَا هِيَ بِنَتَائِجِهَا وَعَوَاقِبِهَا لَا بِصُوَرِهَا» اهـ [4].
وقال أيضًا - رحمه الله -:
«وَسَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَئِمَّةُ الدِّينِ لَا يَعْتَقِدُونَ عِصْمَةَ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَا الْقَرَابَةِ وَلَا السَّابِقِينَ وَلَا غَيْرِهِمْ؛ بَلْ يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وُقُوعُ الذُّنُوبِ مِنْهُمْ، وَاللهُ تَعَالَى يَغْفِرُ لَهُمْ بِالتَّوْبَةِ، وَيَرْفَعُ بِهَا دَرَجَاتِهِمْ، وَيَغْفِرُ لَهُمْ بِحَسَنَاتِ مَاحِيَةٍ، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِك مِنْ الْأَسْبَابِ، قَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)} (الزمر:33 - 35)،، وَقَالَ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} (الأحقاف:15 - 16).
وَلَكِنَّ الْأَنْبِيَاءَ رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ هُمْ الَّذِينَ قَالَ الْعُلَمَاءُ: إنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مِنْ الْإِصْرَارِ عَلَى الذُّنُوبِ.
فَأَمَّا الصِّدِّيقُونَ، وَالشُّهَدَاءُ؛ وَالصَّالِحُونَ: فَلَيْسُوا بِمَعْصُومِينَ. وَهَذَا فِي الذُّنُوبِ الْمُحَقَّقَةِ.
وَأَمَّا مَا اجْتَهَدُوا فِيهِ: فَتَارَةً يُصِيبُونَ، وَتَارَةً يُخْطِئُونَ.

[1] رواه مسلم.
[2] رواه البخاري بلفظ: «إِنَّ ابْنِى هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
[3] مجموع الفتاوى (ج 4/ 431 - 433) ط دار الوفاء.
[4] مجموع الفتاوى 4/ 434 ط دار الوفاء.
نام کتاب : معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين وكاتب وحي النبي الأمين صلى الله عليه وسلم - كشف شبهات ورد مفتريات نویسنده : شحاتة صقر    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست