"ولا أعذر البخاري ومسلمًا إلَّا ليقيني بأن الظروف السياسية القائمة آنئذٍ كان يمكن أن تطيح برأسيهما، فلا يصل شيء منهما أصلًا، وهو العذر الوحيد المقبول؛ لأنه يجوز أن يكون المؤمن جبانًا [1]، ولكن لا
= يصونهم ويرد هاتيك المرويات؟ ومن الذي لا يعتبر من أهل البيت غير الاثني عشر ويطعن في غالب أهل البيت من غيرهم؟!
ولا شك أن من تأمل ما نقلناه من نصوص الروافض يدرك أنهم أعداء لأهل البيت والصحابة، وإنما اتخذوا شعار التشيع لأهل البيت لترويج باطلهم] اهـ (*). [1] هذه "شِنْشنة نعرفها من أخزم" فإن رمي المحدثين بالجبن والخوف، ومداهنة الحكام ما هو إلَّا رَجْع صدى كلام المستشرقين، وبخاصة صنمهم اليهودي المتعصب الحاقد "جولد تسيهر" وأذنابهم من بني جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا، ويقصدون بذلك التشكيك في حَمَلَةِ السنة للتوصل بذلك إلى هدم الشريعة الشريفة.
إن الأمر لا يرجع إلى خوف أو شجاعة، وإنما إلى شروط التزمها المحدثون ولم يحيدوا عنها، فمنهم متشدد في شروطه كالشيخين، ومنهم دون ذلك، فمِن ثَمَّ رأينا الإمام أحمد قد خرَّج في فضائل بني أمية أكثر مما خرَّج الشيخان في "صحيحيهما".
وقد أخرج الشيخان في فضائل علي -رضي الله عنه- وآل بيته أحاديث عدة أكثر مما أخرجاه في فضائل العباس وابنه عبد الله -رضي الله عنهما-، وخلفاء بني العباس كانوا يعتبرون العلويين مناوئين لهم، فلو كان مبنى الأمر على الخوف والمداهنة للعباسيين لما ذكرا في صحيحيهما شميئا من ذلك.
وفي كتب أهل السنة مرويات عن أمير المؤمنين علي - ضي الله عنه- أكثر مما يروى عن أبي بكر وعثمان وبقية العشرة عدا عمر فإن مروياته قريبة من مرويات علي -رضي الله عنهم-، وعن سائر الصحابة أجمعين، ثم إن الخلفاء والأمراء عامتهم كانوا على دين، وخلق، وتعظيم للشرع الشريف، ولا يُظَن بهم أنهم كانوا يرضون الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأجل مداهنتهم، والحوادث في هذا كثيرة شهيرة، ولو قُدِّر أن أحدهم تورط في ذلك -معاذ الله- لتصدى له المسلمون علماؤهم وعامتهم، ووقفوا له بالمرصاد، وقد حفل التاريخ بكثير من المواقف المشرقة ذبَّا عن السنة، وإنكارًا على من حاد عنها من الأمراء والحكام.
(*) "مسالة التقريب بين أهل السنة والشيعة" (2/ 138 - 141).