وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيةً، وَحَدِّثوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ" [1].
قال ابن حبان -رحمه الله تعالى-: "في أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته بالتبليغ عنه مَنْ بَعدهم -مع ذكره إيجابَ النار للكاذب عليه- دليل على أنه إنما أُمِر بالتبليغ عنه ما قاله عليه السلام، وما كان من سنته فعلًا أو سكوتًا عند المشاهدة، لا أنه يدخل به في قوله -صلى الله عليه وسلم-: "نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً" المحدثون بأسرهم، بل لا يدخل في ظاهر هذا الخطاب إلا من أدى صحيح حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دون سقيمه، وإني خائف على من روى ما سمع من الصحيح والسقيم أن يدخل في جملة الكذبة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان عالمًا بما يروى" [2] اهـ.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» [3].
وعن عبد الله بن وهب قال: قال لي مالك: «اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، وَلَا يَكُونُ إِمَامًا [4] أَبَدًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» [5]. [1] انظر تخريجه ص (178).
(2) "كتاب المجروحين " ص (6). [3] رواه مسلم في مقدمة "صحيحه " (5). [4] رواه مسلم في "السابق" (4). [5] قال النووي -رحمه الله تعالى- في شرحه: "معناه أنه إذا حدَّث بكل ما سمع كثُر الخطأ في روايته، فتُرك الاعتماد عليه، والأخذ عنه" اهـ. من "شرح النووي" (1/ 75).