بيوت المسلمين؛ لتمرن قلوبهم على سماع سب الله -عز وجل-، وشتم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والطعن في كتاب الله -تعالى- والتطاول على دين الحق على لسان شياطينهم، ويُغَضُّ الطرف عن هذه الجرائم بحجة لزوم الإنصاف والعدل بين المتناظرين، مع أن غالب استدلالات المناظر المسلم تحوم حول الإسرائيليات، وقلما يستدلّ بشيء من القرآن الكريم، أو السنة النبوية [1].
واذا أنكرت عليهم هذا "الإغراق" في إشاعة الإسرائيليات بادروا بذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وَحَدِّثُوا عَنْ بَي اِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ"، وبأن العلماء أجازوا حكاية "القسم الثالث" من الإسرائيليات. [1] وإن مما يؤسف له أشد الأسف استمراء هذا الوضع، وعدم إنكاره، لقد قال تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الآية: [آل عمران:186]، وها نحن -الآن- نسمع الأذى من "بعض المسلمين" الذين يترجمون هذه المحاضرات السمعية البصرية بما فيها من طعن، وسب لدين الإسلام، ويذيعونها في أوساط العوام بغير فقه، ونحن لا ننكر مناظرة أهل الكتاب؟ فإن هذا أحد أساليب الدعوة إلى الله، وإقامة الحجة، ولكن للمناظرة ضوابط، وكلما كانت في دائرة محدودة، كلما كانت أعون على الإقناع؛ كي لا تأخذ المجادلَ العزةُ بالإثم أمام جمهور الحاضرين؟ فيستكبر عن الانصياع للحق، ولا بد أن يتولى المناظرة عن الجانب الإسلامي عالم فقيه بصير يحسن الاستدلال- أولًا، وقبل كل شيء- بأدلة القرآن، والسنة الصحيحة، وأن يكون مؤهلًا ذا خبرة بشبهات القوم؛ لأنه إذا رد ردًّا ضعيفًا زادهم فتنة بكفرهم، ثم ينبغي أن تحجب شبهات وطعون المناظر الكافر عن عوام المسلمين؛ خشية أن تفتن قلوبهم بشبهات أعداء الله الذين يجهرون بالسوء من القول، ويحترفون التشويه، والتضليل للصد عن سبيل الله -تعالى-.