اللهُ أكبرُ إنَّ دينَ محمدٍ ... وكتابَه أقوى وأقومُ قِيلا
لا تذكروا الكتبَ السوالفَ عنده ... طلع الصباحُ فأطفأ القِنديلا
وصدق القائل: نور الصباح يُغني عن المصباح.
وقال الخطيبُ البغدادي -رحمه الله تعالى-: "ويترك المنْتَخِب -أيضًا- الاشتغالَ بأخبار الأوائلِ؛ مثل كتاب "المبتدأ" ونحوه؛ فإنَّ الشُغْلَ بذلك غيرُ نافعٍ، وهو عن التَّوَفُّرِ على ما هو أولى قاطع" [1]، ثم أُسنِدَ عن الإمام أحمد قوله: "الاشتغال بهذه الأخبار القديمة يقطع عن العلم الذي فُرِضَ علينا طلبه" [2]، ثم قال: "ونَظِيرُ ما ذكرناهُ آنفًا أحاديثُ الملاحِمِ، وما يكون من الحوادِثِ؛ فإِنَّ أَكثرها موضوع، وجُلَّها مصنوع، كالكتاب المنسوب إلى "دانيال"، والخُطب المروية عن علي بن أبي طالب" [3].
وأخرج الخطيب في "الجامع": "أن عُمَرَ -رضي الله عنه- بلغه أن رجلًا كتب "كتاب دانيال"، قال: فكتب إليه يرتفع إليه، قال: فلما قدم عليه جعل عُمَرُ يضرب بَطنَ كفِّه بيده، ويقول: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ [1] إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [2] نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} فقال عمر: أَقَصَصُ أحسن من كتاب ربنا؟! فقال: يا أمير المؤمنين، أَعْفِنِي؛ فوالله لأمْحُوَنَّهُ" [4].
(1) "نفسه"، (2/ 160).
(2) "نفسه"، (2/ 161).
(3) "نفسه"، (2/ 161).
(4) "نفسه"، (2/ 161 - 162).