وما رواه البخاري أيضًا -عن ابن عَبَّاس- رضي الله عنهما- قال: "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ عن شيء، وَكِتَابُكُم الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أَحْدَثُ الْأخْبَارِ بِاللهِ؟! تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا، لَمْ يُشَبْ، وَقَدْ حَدَّثَكُمْ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ بَدَّلُوا كتابَ اللَّهُ، وَغَيَّرُوه، وكتبوا بِأَيْدِيهِم الْكِتَابَ، وَقَالُوا: هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ليَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، أَفَلَا يَنْهَاكُمْ مَا جَاءَكُمْ مِن العِلمِ عَن مُسَاءَلَتِهِمْ؟ وَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِنْهُمْ رَجُلًا قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَن الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ" [1].
وبهذا يتبين أن ما ذُكِرَ عن آدمَ عليه السلام من ذلك لا يجوز تصديقه، وكذلك ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحث على تعلم أبي جاد، وتعلم تفسيرها، لا يصح أيضًا؛ وذلك لأن هذا الحديثَ رُوِيَ من طريقين كلاهما لا يَصِحُّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أولهما: ما ذكره ابن تيمية -رحمه الله تعالى- أن أبا بكر النَّقَّاش [2] رواه في تفسيره، وغيره من المفسرين، كما ذكره ابن جرير الطبري في آخر تفسيره، ورد عليه، فذكر أن أبا بكر النقَّاش روى بسنده من طريق [1] انظر تخريجه ص (179). [2] هو محمد بن الحسين بن محمد بن زياد بن هارون، أبو بكر النقاش، عالم بالقرآن وتفسيره، توفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، قال الخطيب البغدادي: "في أحاديثه مناكير بأسانيد مشهورة"، وقال أبو القاسم اللالكائي: "تفسير النقاش إشقاء الصدور، وليس بشفاء الصدور"، وقال البرقاني: "كل حديث النقاش منكر"، وقال الذهبي: "فيه ضعف".
انظر: "تاريخ بغداد"، (2/ 201)، و"ميزان الاعتدال"، (3/ 520)، و"لسان الميزان"، (5/ 132).