قال: إن زماننا هذا قد وقع فيه شيء مما ذكر فيه لما أنكر عليه أحد، ولكان قوله مقبولًا لا يرد، ومن نظر في كلام الأئمة عند شرحهم لمثل هذه الأحاديث؛ لرأى ذلك واضحًا جليًّا ... والحمد لله.
فإن قال قائل: فإنه قد وُجِد في أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مَنْ نَزل بعضَ الأحاديث على بعض الأشخاص تنزيلًا تامًا، كما ورد عن عمر -رضي الله عنه- أنه كان يحلف أن الدجال هو ابن صياد، وتبعه على ذلك جابر -رضي الله عنه- كما في "صحيح مسلم "، وابنه عبد الله كما عند أبي داود، ولو كان الأمر كما ذكرت لما جاز لهم ذلك؟
فالجواب: أن ذلك لم يكن من عمر -رضي الله عنه- ومن معه من الصحابة اجتهادًا مِن عند أنفسهم، بل كان اعتمادًا على إقرار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما في نفس الحديث المذكور، فإن جابرًا -رضي الله عنه- لما سُئل عن يمينه قال: "سمعت عمر يحلف بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا ينكره".
فالذي يريد أن ينزل الأحاديث على الزمن وأهله، يحتاج إلى مثل ذلك الإقرار، وأنَّى له ذلك؟!
ثم على فرض التسليم بعدم الإقرار منه -صلى الله عليه وسلم- لعمر، وأن ذلك كان منه اجتهادًا؛ فأي الناس كعمر الذي وصفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمحدَّث الملهم، والذي وافق ربَّه في مسائلَ كثيرةٍ، هذا مما لا يكون بحال.