ما فيه من خير أفضلُ من الزمان الذي يليه، وهذا لا ينفي أن يكون في كل زمان خير -كما أكدت ذلك الأحاديث- ولمجيء بعض الخير في أزمان أعقبت زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ كزمن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- وغيره من الأزمان.
ثانيًا: جواب الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى-:
قال -رحمه الله تعالى-: "وقد استُشْكِل هذا الإطلاقُ مع أن بعض الأزمنة تكون في الشر دون التىِ قبلها، ولو لم يكن في ذلك إلا زمن عمر بن عبد العزيز، وهو بعد زمن الحجاج بيسير، وقد اشتهر الخير الذي كان في زمن عمر بن عبد العزيز؛ بل لو قيل: (إن الشر اضمحل في زمانه)؛ لما كان بعيدًا، فضلًا عن أن يكون شرًّا من الزمن الذي قبله، وقد حمله الحسن البصري على الأكثر الأغلب، فسئل عن وجود عمر بن العزيز بعد الحجاج، فقال: (لا بد للناس من تنفيس). وأجاب بعضهم: أن المراد بالتفضيل تفضيلُ مجموعِ العصر على مجموع العصر؛ فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحابة في الأحياء، وفي عصر عمر بن عبد العزيز انقرضوا، والزمان الذي فيه الصحابة خير من الزمان الذي بعده؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي" وهو في الصحيحين [1]، وقوله: "وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ» [2]. [1] رواه البخاري رقم (2652) بلفظ: "خير الناس قرني"، ومسلم رقم (2535)، وانظر: "موسوعة الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة" للدكتور سعود الصاعدي (1/ 347 - 384). [2] رواه مسلم رقم (2531)، وانظر: "الموسوعة" الآنفة الذكر (1/ 385 - 399).