فقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحجُرَاتِ؟ ... " إلخ، يفهم منه إيقاظهن للصلاة والتهجد؛ لمدافعة الفتن، كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} الآية [البقرة: 45].
وبلغ حرصُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على حث المسلمين على العمل المثمر ما أمكن العمل إلى حد قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنْ قَامَتِ السَّاعَة وَفي يَدِ أَحَدِكُم فَسِيلَةٌ [1] فَإِن اسْتَطَاعَ أَنْ لا يَقُومَ [2] حَتَّى يَغْرِسَهَا فَليَغْرِسْهَا" [3]، فإذا كان هذا والحياةُ تَلْفِظُ أنفاسها الأخيرة، فكيف إذا كان بيننا وبين الساعة آمادٌ مجهولةٌ لا يعلمها إلا الله تعالى؟
فالمسلمُ يَغْتَنِمُ لحظته الحاضرةَ بقطع النظر عن ماضٍ تولَّى، ومستقبلٍ
هو غيبٌ، قال الشاعر:
إِنَّمَا هذِهِ الحَيَاةُ مَتَاعٌ ... فالجهُولُ المغرُورُ مَنْ يَصْطَفِيهَا
مَا مَضَى فَاتَ وَالؤُمَّلُ غَيبٌ ... وَلَكَ السَّاعَةُ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا
وعن داود قال: قال لي عبد الله بن سلام: "إن سمعت بالدجَّال قد خرج وأنت على وَدِيَّةِ [4] تغرسها، فلا تعجل أن تصلحه؛ فإن للناس بعد ذلك عيشًا" [5]. [1] الفسيلة: النخلة الصغيرة. [2] أي: من محله الذي هو جالس فيه. [3] رواه الإمام أحمد (3/ 183)، والطيالسي (2068)، والبخاري في "الأدب المفرد" (479)، وصححه الألباني على شرط مسلم في "الصحيحة" رقم (9). [4] الوَدِيَّة: الفسيلة الصغيرة. [5] قال الألباني: "سنده صحيح" اهـ، من "الصحيحة" (1/ 12).