فلا ترغبوا عنه. وعليكم بالصراط المستقيم، فإنه الإسلام. ولا تتحرفوا عن الصراط يمينا ولا شمالا. وعليكم بسنة نبيكم. وإياكم وهذه الأهواء. انتهى تأمل كلام أبي العالية هذا، ما أجله واعرف زمانه الذي يحذر فيه من الأهواء التي من اتبعها فقد رغب عن الإسلام، وتفسير الإسلام بالسنة، وخوفه على أعلام التابعين وعلمائهم من الخروج عن السنة والكتاب، يتبين لك معنى قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ} [1]. وقوله {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [2]. وقوله تعالى: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} [3]. وأشباه هذه الأصول الكبار التي هي أصل الأصول، والناس عنها في غفلة. وبمعرفته يتبين معنى الأحاديث في هذا الباب وأمثالها؛ وأما الإنسان الذي يقرؤها وأشباهها وهو آمن مطمئن أنها لا تناله، ويظنها في قوم كانوا فبادوا [4]. {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [5].
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال "خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا. ثم قال: هذا سبيل الله. ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله. ثم قال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [6] 7" رواه أحمد والنسائي. [1] سورة البقرة آية: 131. [2] سورة البقرة آية: 132. [3] سورة البقرة آية: 130. [4] في الأصل: فبانوا. [5] سورة الأعراف آية: 99. [6] سورة الأنعام آية: 153.
7 أحمد (1/435) , والدارمي: المقدمة (202) .