إليه، وإضافة العرش والكرسي إليه تعالى من إضافة المخلوق إلى خالقه، وفي هذا تشريف للعرش والكرسي، وورد في السنة ذكر الكرسي، وأن العرش أعظم منه، كما في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة) [1]، فالكرسي عظيم وواسع، ومع سعته فالعرش أعظم منه.
وقد اختلف المفسرون [2] في الكرسي المذكور في الآية فقيل: علم الله تعالى، وعلى هذا القول فلا يكون في الآية دلالة على إثبات الكرسي الذي هو شيء قائم بنفسه موصوف بسعته للسماوات والأرض.
وقيل: إن الكرسي هو العرش، وعلى هذا فليس هناك شيئان، فما هو إلا العرش.
وقيل: وهو الصحيح عن ابن عباس [3]، والمشهور من مذهب أهل السنة أن الكرسي مخلوق عظيم، وهو موضع قدمي الرب سبحانه وتعالى. [4] وهذا أرجح الأقوال في تفسير الكرسي.
وبهذا يتبين أن العرش أعظم من الكرسي بكثير، كما يظهر ذلك من ورود النصوص بذكر العرش وتنوعها، والله سبحانه وتعالى هو العلي العظيم، هو [1] رواه بن حبان (361) وانظر: السلسلة الصحيحة (109). [2] تفسير الطبري 4/ 537 و 539. [3] السنة لعبد الله بن أحمد1/ 301، وصححه ابن خزيمة في التوحيد ص 107، والحاكم 2/ 282، والضياء في المختارة 10/ 311، وقال العلامة الأزهري في تهذيب اللغة10/ 33: الصحيح عن ابن عباس في الكرسي: ما رواه الثوري وغيره عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: «الكرسي موضع القدمين، وأما العرش فلا يُقدر قدره». وهذه الرواية اتفق أهل العلم على صحتها، والذي عن ابن عباس في الكرسي أنه العلم فليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار. وانظر: فتح الباري 8/ 199. [4] انظر: أصول السنة ص 96، والفتوى الحموية ص 351.