responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 138
لَهُ وَمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، وَأَنْصَحُهُمْ لِأُمَّتِهِ، وَأَفْصَحُهُمْ وَأَقْدَرُهُمْ عَلَى الْبَيَانِ, فَإِنَّكَ إِنْ نَفَيْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُنْتَ كَافِرًا بِمَا أُنْزِلَ [عَلَى] مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا وَصَفْتَهُ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فَلَا تُشَبِّهْهُ بِخَلْقِهِ، فَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فَإِذَا شَبَّهْتَهُ بِخَلْقِهِ كُنْتَ كَافِرًا بِهِ. قَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ الْخُزَاعِيُّ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ: مَنْ شَبَّهَ اللَّهَ [بِخَلْقِهِ] فَقَدْ كَفَرَ، وَمَنْ جَحَدَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ فَقَدْ كَفَرَ، وَلَيْسَ مَا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَلَا مَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ تَشْبِيهًا. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ الطَّحَاوِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ لَمْ يَتَوَقَّ النَّفْيَ وَالتَّشْبِيهَ زَلَّ وَلَمْ يُصِبِ التَّنْزِيهَ".
وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ بِأَنَّ لَهُ الْمَثَلَ الْأَعْلَى، فَقَالَ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} [النَّحْلِ: 60]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [سورة الرُّومِ: 27]. فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ مَثَلَ السَّوْءِ -الْمُتَضَمِّنَ لِلْعُيُوبِ وَالنَّقَائِصِ وَسَلْبِ الْكَمَالِ- لِأَعْدَائِهِ الْمُشْرِكِينَ وَأَوْثَانِهِمْ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَثَلَ الْأَعْلَى -الْمُتَضَمِّنَ لِإِثْبَاتِ الْكَمَالِ كُلِّهِ- لله وحده. فمن سلب صفة الْكَمَالِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ جَعَلَ لَهُ مَثَلَ السَّوْءِ، وَنَفَى عَنْهُ مَا وَصَفَ بِهِ نفسه من المثل الأعلى، [و] هو الْكَمَالُ الْمُطْلَقُ، الْمُتَضَمِّنُ لِلْأُمُورِ الْوُجُودِيَّةِ، وَالْمَعَانِي الثُّبُوتِيَّةِ، الَّتِي كُلَّمَا كَانَتْ أَكْثَرَ فِي الْمَوْصُوفِ وَأَكْمَلَ كَانَ بِهَا أَكْمَلَ وَأَعْلَى مِنْ غَيْرِهِ.
وَلَمَّا كَانَتْ صِفَاتُ الرَّبِّ [سُبْحَانَهُ] وَتَعَالَى أَكْثَرَ وَأَكْمَلَ، كَانَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَكَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ, بَلْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَشْتَرِكَ فِي الْمَثَلِ الْأَعْلَى الْمُطْلَقِ اثْنَانِ؛ لِأَنَّهُمَا إِنْ تَكَافَآ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنَ الْآخَرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَافَآ، فَالْمَوْصُوفُ بِهِ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ، فَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى مِثْلٌ أَوْ نَظِيرٌ.
وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْمَثَلِ الْأَعْلَى, وَوَفَّقَ بين أقوالهم مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ وَهَدَاهُ، فَقَالَ: الْمَثَلُ الْأَعْلَى يَتَضَمَّنُ: الصِّفَةَ الْعُلْيَا، وَعِلْمَ الْعَالَمِينَ بِهَا، وَوُجُودَهَا الْعِلْمِيَّ، وَالْخَبَرَ عَنْهَا وَذِكْرَهَا، وَعِبَادَةَ الرَّبِّ تَعَالَى بِوَاسِطَةِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ الْقَائِمَةِ بِقُلُوبِ عَابِدِيهِ وَذَاكِرِيهِ.

نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 138
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست