نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز جلد : 1 صفحه : 413
تَصْنَعُونَ بِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ، فَأَجِدُ مُوسَى بَاطِشًا بِقَائِمَةِ الْعَرْشِ؟ " [1], قِيلَ: لَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ قَدْ وَرَدَ هَكَذَا، وَمِنْهُ نَشَأَ الْإِشْكَالُ, وَلَكِنَّهُ دَخَلَ فِيهِ على الراوي حديثا فِي حَدِيثٍ، فَرَكَّبَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، فَجَاءَ هَذَانِ الْحَدِيثَانِ هَكَذَا: أَحَدُهُمَا: "إِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ"، كَمَا تَقَدَّمَ، وَالثَّانِي: "أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" [2]، فَدَخَلَ عَلَى الرَّاوِي هَذَا الْحَدِيثُ فِي الْآخَرِ. وَمِمَّنْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ، وَبَعْدَهُ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ القيم، وشيخنا الشيخ عماد بن كَثِيرٍ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ. وَكَذَلِكَ اشْتَبَهَ عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَقَالَ: "فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟ " [3], وَالْمَحْفُوظُ [1] صحيح, أخرجه البخاري في أول كتاب "الخصومات" من حديث وهيب، حدثنا عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري مرفوعا في قصة ضرب الصحابي لليهودي بلفظ: "لا تخيروا بين الأنبياء فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ من تنشق عنه الأرض فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق أم حوسب بصعقته الأولى".
وأخرجه مسلم رقم "2374" من طريق سفيان عن عمرو بن يحيى به, لكنه لم يسق لفظه بتمامه، وقد ساقه أحمد "3/ 33" من هذه الطريق بلفظ: "وأنا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فأفيق، فأجد موسى ... " الحديث.
ويشهد لهذه الرواية حديث أبي هريرة عند مسلم "2373" بلفظ: "لا تفضلوا بين أنبياء الله، فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله"، قال: "ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث، أو في أول من بعث، فإذا موسى عليه السلام آخذ بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور، أو بعث قبلي".
ومن هذين الحديثين يتبين أن هذه الصعقة الثانية إنما هي صعقة البعث، المذكورة في الآية، وليست صعقة تقع لفصل القضاء كما ذكر الشارح تبعا للإمام ابن القيم. وعلى ذلك فلا إشكال في الحديث, والله أعلم. [2] رواه مسلم رقم "2278" باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم بلفظ: "وأول من ينشق عنه القبر" وأبو داود والترمذي وأحمد. [3] صحيح وهو آخر حديث أبي هريرة المذكور قبله في رواية عنه عند البخاري، والمراد بقوله: "ممن استثنى الله" أي لا تصيبه النفخة، كما صرحت به رواية ابن أبي الدنيا في كتاب "البعث" عن الحسن مرسلا. كما في "الفتح".
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز جلد : 1 صفحه : 413