responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 439
أَيِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ مَخْلُوقٍ، فَدَخَلَتْ أَفْعَالُ الْعِبَادِ فِي عُمُومِ: كُلِّ, وَمَا أَفْسَدُ قَوْلَهُمْ فِي إِدْخَالِ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى فِي عُمُومِ: كُلِّ، الَّذِي هُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا! وَأَخْرَجُوا أَفْعَالَهُمُ الَّتِي هِيَ مَخْلُوقَةٌ مِنْ عُمُومِ: كُلِّ!! وَهَلْ يَدْخُلُ فِي عُمُومِ: كُلِّ إِلَّا مَا هُوَ مَخْلُوقٌ؟ فَذَاتُهُ الْمُقَدَّسَةُ وَصِفَاتُهُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي هَذَا الْعُمُومِ، وَدَخَلَ سَائِرُ الْمَخْلُوقَاتِ فِي عُمُومِهَا, وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96]. ولا نقول إن: مَا مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ خَلْقَكُمْ وَعَمَلَكُمْ, إِذْ سِيَاقُ الْآيَةِ يَأْبَاهُ؛ لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنَّمَا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ عِبَادَةَ الْمَنْحُوتِ، لَا النَّحْتَ، وَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَنْحُوتَ مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَا صَارَ مَنْحُوتًا إِلَّا بِفِعْلِهِمْ، فَيَكُونُ مَا هُوَ مِنْ آثَارِ فِعْلِهِمْ مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ النَّحْتُ مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعَالَى لَمْ يَكُنِ الْمَنْحُوتُ مَخْلُوقًا لَهُ، بَلِ الْخَشَبُ أَوِ الْحَجَرُ لَا غَيْرَ, وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ إِمَامُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ: أَنَّ الْعِلْمَ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُحْدِثُ فِعْلَهُ, ضَرُورِيٌّ. وَذَكَرَ الرَّازِيُّ أَنَّ افْتِقَارَ الْفِعْلِ الْمُحْدَثِ الْمُمْكِنِ إِلَى مرجح يجب وجوده عنده ويمتنع عنده عَدَمِهِ, ضَرُورِيٌّ، وَكِلَاهُمَا صَادِقٌ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنَ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ، ثُمَّ ادِّعَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ يُبْطِلُ مَا ادَّعَاهُ الْآخَرُ مِنَ الضَّرُورَةِ, غَيْرُ مُسَلَّمٍ، بَلْ كِلَاهُمَا صَادِقٌ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنَ الْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ، وَإِنَّمَا وَقَعَ غَلَطُهُ فِي إِنْكَارِهِ مَا مَعَ الْآخَرِ مِنَ الْحَقِّ, فَإِنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِ الْعَبْدِ مُحْدِثًا لِفِعْلِهِ وَكَوْنِ هَذَا الْإِحْدَاثِ وَجَبَ وُجُودُهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشَّمْسِ: 8]. فَقَوْلُهُ: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} , إِثْبَاتٌ لِلْقَدَرِ بِقَوْلِهِ: {فَأَلْهَمَهَا}، وَإِثْبَاتٌ لِفِعْلِ الْعَبْدِ بِإِضَافَةِ الْفُجُورِ وَالتَّقْوَى إِلَى نَفْسِهِ، لِيُعْلَمَ أَنَّهَا هِيَ الْفَاجِرَةُ وَالْمُتَّقِيَةُ. وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشَّمْسِ: 9, 10] , إِثْبَاتٌ أَيْضًا لِفِعْلِ الْعَبْدِ, وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.
وَهَذِهِ شُبْهَةٌ أُخْرَى مِنْ شُبَهِ الْقَوْمِ الَّتِي فَرَّقَتْهُمْ، بَلْ مَزَّقَتْهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ، وَهِيَ: أَنَّهُمْ قَالُوا؟ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ الْحُكْمُ عَلَى قَوْلِكُمْ بِأَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْمُكَلَّفِينَ عَلَى ذُنُوبِهِمْ وَهُوَ خَلَقَهَا فِيهِمْ؟ فَأَيْنَ الْعَدْلُ فِي تَعْذِيبِهِمْ عَلَى مَا هُوَ خَالِقُهُ وَفَاعِلُهُ فِيهِمْ؟ وَهَذَا السُّؤَالُ لَمْ يَزَلْ مَطْرُوقًا فِي الْعَالَمِ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَتَكَلَّمُ في جوابه

نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 439
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست