responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 449
[في] الممكن المقدور ظلم! بل كان مَا كَانَ مُمْكِنًا فَهُوَ مِنْهُ -لَوْ فَعَلَهُ- عَدْلٌ، إِذِ الظُّلْمُ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ مَأْمُورٍ مِنْ غَيْرِهِ مَنْهِيٍّ، وَاللَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ, فَإِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طَهَ: 112] وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 29]، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [الزُّخْرُفِ: 76]، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الْكَهْفِ: 49]، وَقَوْلَهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غَافِرٍ: 17]. بدل عَلَى نَقِيضِ هَذَا الْقَوْلِ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ رَسُولُهُ: "يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا" [1]. فَهَذَا دَلَّ عَلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، وَالْمُمْتَنِعُ لَا يُوصَفُ بِذَلِكَ. الثَّانِي: أَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ، كَمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَهَذَا يُبْطِلُ احْتِجَاجَهُمْ بِأَنَّ الظُّلْمَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْ مَأْمُورٍ مَنْهِيٍّ، وَاللَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ. فَيُقَالُ لَهُمْ: هُوَ سُبْحَانَهُ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ، وَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، وَإِنَّمَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَحَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، لَا مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَيْهِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ قَوْلَهُ: {فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] , قَدْ فَسَّرَهُ السَّلَفُ، بِأَنَّ الظُّلْمَ: أَنْ تُوضَعَ عَلَيْهِ سَيِّئَاتُ غَيْرِهِ، وَالْهَضْمُ: أَنْ يُنْقَصَ مِنْ حَسَنَاتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الْإِسْرَاءِ: 15].
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخَافُ الْمُمْتَنِعَ الَّذِي لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْقُدْرَةِ حَتَّى يَأْمَنَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَأْمَنُ مِمَّا يُمْكِنُ، فَلَمَّا آمَنَهُ مِنَ الظُّلْمِ بِقَوْلِهِ: {فَلَا يَخَافُ} [طه: 112] , عُلِمَ أَنَّهُ مُمْكِنٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ. وَكَذَا قَوْلُهُ: {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ} [ق: 28]، إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 29] , لَمْ يَعْنِ بِهَا نَفْيَ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكَنُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا نَفَى مَا هُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ مُمْكِنٌ، وَهُوَ أَنْ يُجْزَوْا بِغَيْرِ أَعْمَالِهِمْ, فَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ لَيْسَ اللَّهُ مُنَزَّهًا عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْأَفْعَالِ أصلا، ولا مقدسا عن أن يفعله،

[1] مسلم وتقدم، "مختصر صحيح مسلم" "1828".
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست