responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 506
بِاسْتِعَاذَتِهِمْ بِهِمْ، رَهَقًا، أَيْ إِثْمًا وَطُغْيَانًا وَجَرَاءَةً وَشَرًّا، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: قَدْ سُدْنَا الْجِنَّ، وَالْإِنْسَ! فَالْجِنُّ تَعَاظَمُ فِي أَنْفُسِهَا وَتَزْدَادُ كُفْرًا إِذَا عَامَلَتْهَا الْإِنْسُ بِهَذِهِ الْمُعَامَلَةِ, وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ، قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} [سَبَأٍ: 40, 41]. فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ الْمَلَائِكَةَ وَيُخَاطِبُونَهُمْ بِهَذِهِ الْعَزَائِمِ، وَأَنَّهَا تَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ ضَالُّونَ، وَإِنَّمَا تَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الشَّيَاطِينُ، وقد قال تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الْأَنْعَامِ: 128]. فَاسْتِمْتَاعُ الْإِنْسِيُّ بِالْجِنِّيِّ: فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهِ، وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ، وَإِخْبَارِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاسْتِمْتَاعُ الْجِنِّ بِالْإِنْسِ: تَعْظِيمُهُ إِيَّاهُ، وَاسْتِعَانَتُهُ بِهِ، وَاسْتِغَاثَتُهُ وَخُضُوعُهُ لَهُ.
ونوع منهم بالأحوال الشيطانية، والكشوف ومخاطبته رِجَالِ الْغَيْبِ، وَأَنَّ لَهُمْ خَوَارِقَ تَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ! وَكَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُعِينُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ! وَيَقُولُ: إِنَّ الرَّسُولَ أَمَرَهُ بِقِتَالِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، لِكَوْنِ الْمُسْلِمِينَ قَدْ عَصَوْا! وَهَؤُلَاءِ فِي الْحَقِيقَةِ إِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ. وَالنَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِمْ [عَلَى] ثَلَاثَةِ أَحْزَابٍ: حِزْبٌ يُكَذِّبُونَ بِوُجُودِ رِجَالِ الْغَيْبِ، وَلَكِنْ قَدْ عَايَنَهُمُ [النَّاسُ]، [وَثَبَتَ عَمَّنْ عَايَنَهُمْ] أَوْ حَدَّثَهُ الثِّقَاتُ بِمَا رَأَوْهُ، وَهَؤُلَاءِ إِذَا رَأَوْهُمْ وَتَيَقَّنُوا وُجُودَهُمْ خَضَعُوا لَهُمْ, وَحِزْبٌ عَرَفُوهُمْ، وَرَجَعُوا إِلَى الْقَدَرِ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ ثَمَّ فِي الْبَاطِنِ طَرِيقًا إِلَى اللَّهِ غَيْرَ طَرِيقَةِ الْأَنْبِيَاءِ! وَحِزْبٌ مَا أَمْكَنَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا وَلِيًّا خَارِجًا عَنْ دَائِرَةِ الرَّسُولِ، فَقَالُوا: يَكُونُ الرَّسُولُ هُوَ مُمِدًّا لِلطَّائِفَتَيْنِ, فَهَؤُلَاءِ مُعَظِّمُونَ لِلرَّسُولِ جَاهِلُونَ بِدِينِهِ وَشَرْعِهِ، وَالْحَقُّ: أَنَّ هَؤُلَاءِ [مِنْ] أَتْبَاعِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنَّ رِجَالَ الْغَيْبِ هُمُ الْجِنُّ، وَيُسَمَّوْنَ رِجَالًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} [الْجِنِّ: 6]. وَإِلَّا فَالْإِنْسُ يُؤْنَسُونَ، أَيْ يُشْهَدُونَ وَيُرَوْنَ، وَإِنَّمَا يَحْتَجِبُ الْإِنْسِيُّ أَحْيَانًا، لَا يَكُونُ دَائِمًا مُحْتَجِبًا عَنْ أبصار الإنس، ومن ظنهم أَنَّهُمْ مِنَ الْإِنْسِ فَمِنْ غَلَطِهِ وَجَهْلِهِ, وَسَبَبُ الضلال

نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 506
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست