responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 510
وَأَمَّا الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الْعُلَمَاءُ بِخَيْرٍ مِنْ عُقَلَاءِ الْمَجَانِينَ، فَأُولَئِكَ كَانَ فِيهِمْ خَيْرٌ، ثُمَّ زَالَتْ عُقُولُهُمْ, وَمِنْ عَلَامَةِ هَؤُلَاءِ، أَنَّهُ إِذَا حَصَلَ فِي جُنُونِهِمْ نَوْعٌ مِنَ الصَّحْوِ، تَكَلَّمُوا بِمَا كَانَ فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ, [[وَيَهْذُونَ]] (*) بِذَلِكَ في حال زوال عقلهم. بخلاف [[غَيْرِهِمْ مِمَّنْ تَكَلَّمَ إِذَا حَصَلَ لَهُمْ نَوْعُ إِفَاقَةٍ بِالْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، وَيَهْذُونَ بِذَلِكَ فِي حَالِ زَوَالِ عَقْلِهِمْ. وَ]] (**) من كَانَ قَبْلَ جُنُونِهِ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا، لَمْ يَكُنْ حُدُوثُ جُنُونِهِ مُزِيلًا لِمَا ثَبَتَ مِنْ كُفْرِهِ أَوْ فِسْقِهِ, وَكَذَلِكَ مَنْ جُنَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ، يَكُونُ مَحْشُورًا مَعَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُتَّقِينَ, وَزَوَالُ الْعَقْلِ بِجُنُونٍ أَوْ غَيْرِهِ، "سَوَاءٌ" سُمِّيَ صَاحِبُهُ مُولَعًا أَوْ مُتَوَلِّهًا لَا يُوجِبُ مَزِيدَ حال، [بل] حَالِ صَاحِبِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، لَا أَنَّهُ يَزِيدُهُ أَوْ يَنْقُصُهُ، وَلَكِنَّ جُنُونَهُ يَحْرِمُهُ الزِّيَادَةَ مِنَ الْخَيْرِ، كَمَا أَنَّهُ يَمْنَعُ عُقُوبَتَهُ عَلَى الشَّرِّ، وَلَا يَمْحُو عَنْهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ.
وَمَا يَحْصُلُ لِبَعْضِهِمْ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَنْغَامِ الْمُطْرِبَةِ، مِنَ الْهَذَيَانِ، وَالتَّكَلُّمِ لِبَعْضِ اللُّغَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلِسَانِهِ الْمَعْرُوفِ مِنْهُ!! فَذَلِكَ شَيْطَانٌ يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ، كَمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِ الْمَصْرُوعِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنَ الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ! وَكَيْفَ يَكُونُ زَوَالُ الْعَقْلِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ تَقَرُّبًا إِلَى وِلَايَةِ اللَّهِ، كَمَا يَظُنُّهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الضَّلَالِ؟! حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ:
هُمْ مَعْشَرٌ حَلُّوا النِّظَامَ وَخَرَّقُوا الـ ... ـسِّيَاجَ فَلَا فَرْضٌ لَدَيْهِمْ وَلَا نَفْلُ
مَجَانِينُ إِلَّا أَنَّ سِرَّ جُنُونَهُمْ ... عَزِيزٌ عَلَى أَبْوَابِهِ يَسْجُدُ الْعَقْلُ
وَهَذَا كلام ضال، بل كافر، يظن أن "في" الجنون سِرًّا يَسْجُدُ الْعَقْلُ عَلَى بَابِهِ!! لِمَا رَآهُ مِنْ بَعْضِ الْمَجَانِينِ مِنْ نَوْعِ مُكَاشَفَةٍ، أَوْ تصرف عجيب خارق للعادة، ويكون ذلك سبب مَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنَ الشَّيَاطِينِ، كَمَا يَكُونُ لِلسَّحَرَةِ وَالْكُهَّانِ! فَيَظُنُّ هَذَا الضَّالُّ أَنَّ كُلَّ من خبل أَوْ خَرَقَ عَادَةً[1] كَانَ وَلِيًّا لِلَّهِ!! وَمَنِ اعْتَقَدَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ، تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشُّعَرَاءِ: 221, 222]. فَكُلُّ مَنْ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عنده كذب وفجور.

[1] في الأصل: كاشف أو خرق العادة.
(*) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: كان في الأصل (ويهتدون) وأثبتنا ما في مطبوعة وزارة الأوقاف السعودية، لأنه أقرب للصواب، والله أعلم
(**) قال مُعِدّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين المزدوجين ساقط من الأصل، وأثبته من مطبوعة وزارة الأوقاف السعودية
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط دار السلام نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 510
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست