responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 288
عُمُومَ فِيهَا إِذًا لِغَيْرِ مَنْ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ.
قَالَ الْأَوَّلُونَ: إِنَّمَا تَكَلَّمْنَا فِي تَفْضِيلِ صَالِحِي الْبَشَرِ إِذَا كَمُلُوا، وَوَصَلُوا إِلَى غَايَتِهِمْ وَأَقْصَى نِهَايَتِهِمْ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا دَخَلُوا الْجَنَّةَ. وَنَالُوا الزُّلْفَى، وَسَكَنُوا الدَّرَجَاتِ الْعُلَا، وَحَبَاهُمُ الرَّحْمَنُ بِمَزِيدِ قُرْبِهِ، وَتَجَلَّى لَهُمْ لِيَسْتَمْتِعُوا بِالنَّظَرِ إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ. وَقَالَ الْآخِرُونَ: الشَّأْنُ فِي أَنَّهُمْ هَلْ صَارُوا إِلَى حَالَةٍ يَفُوقُونَ فِيهَا الْمَلَائِكَةَ أَوْ يُسَاوُونَهُمْ فِيهَا؟ فَإِنْ كَانَ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَى حَالٍ يَفُوقُونَ فِيهَا الْمَلَائِكَةَ سُلِّمَ الْمُدَّعَى، وَإِلَّا فَلَا.
وَمِمَّا اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَفْضِيلِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الْبَشَرِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [1]. وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ أَنَّ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْوَزِيرُ أَنْ يَكُونَ خَادِمًا لِلْمَلِكِ، وَلَا الشُّرْطِيُّ أَوِ الْحَارِسُ! وَإِنَّمَا يُقَالُ: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الشُّرْطِيُّ أَنْ يَكُونَ خَادِمًا لِلْمَلِكِ وَلَا الْوَزِيرُ. فَفِي مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ يَتَرَقَّى مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى، فَإِذَا ثَبَتَ تَفْضِيلُهُمْ عَلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، إِذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ الْأَنْبِيَاءِ دُونَ بَعْضٍ. أَجَابَ الْآخِرُونَ بِأَجْوِبَةٍ، أَحْسَنُهَا، أَوْ مِنْ أَحْسَنِهَا: أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي فَضْلِ قُوَّةِ الْمَلَكِ وَقُدْرَتِهِ وَشِدَّتِهِ وَعِظَمِ خَلْقِهِ، وَفِي الْعُبُودِيَّةِ خُضُوعٌ وَذُلٌّ وَانْقِيَادٌ، وَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ [لَا يَسْتَنْكِفُ] [2] عَنْهَا وَلَا مَنْ هُوَ أَقْدَرُ مِنْهُ وَأَقْوَى وَأَعْظَمُ خَلْقًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مِثْلِ هَذَا التَّرْكِيبِ الْأَفْضَلِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [3]. وَمِثْلُ هَذَا يُقَالُ بِمَعْنَى: إِنِّي لَوْ قُلْتُ ذلك لادعيت فوق

[1] سورة النساء آية 172.
[2] في الأصل: (لا استنكف) والصواب ما أثبتناه، كما في سائر النسخ. ن.
[3] سورة الأنعام آية 50.
نام کتاب : شرح الطحاوية - ط الأوقاف السعودية نویسنده : ابن أبي العز    جلد : 1  صفحه : 288
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست